للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني كيف تكون خسارته إن هلك المبيع منه، فالبائع يضمن المبيع إذا تلف قبل أن يسلمه إلى المشتري، فإذا تسلمه المشتري فإنه يكون في ضمانه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الخراج بالضمان"، إلا فيما يتعلق ببيع الثمار فإنها في ضمان البائع ما لم تصبها جائحة (١).

* قوله: (فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢) وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي إِلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ (٣)).

هناك فرق يسير بين المذهبين، فمذهب الشافعي أن البائع يضمن المبيع ما لم يقبضه المشتري، فإذا قبضه المشتري كان في ضمانه، وأمَّا البائع فيضمن المبيع إذا تلف في كل أحواله ما لم يقبضه المشتري دون استثناء، ويوافقه أبو حنيفة إلا في العقار (٤).


(١) سيأتي ذكر هذه المسائل.
(٢) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ٢٣٨) حيث قال: "هلاك المبيع قبل القبض يوجب انفساخ البيع، وجملة الكلام فيه: أن المبيع … إما أن هلك قبل القبض، وإما أن هلك بعده، وكل ذلك لا يخلو إما أن هلك بآفة سماوية، وإما أن هلك بفعل البائع أو بفعل المشتري أو بفعل أجنبي، فإن هلك كله قبل القبض بآفة سماوية انفسخ البيع؛ لأنه لو بقي أوجب مطالبة المشتري بالثمن، وإذا طالبه بالثمن فهو يطالبه بتسليم المبيع، وأنه عاجز عن التسليم فتمتنع المطالبة أصلًا فلم يكن في بقاء البيع فائدة فينفسخ، وإذا انفسخ البيع سقط الثمن عن المشتري … وقال الشافعي رَحِمَهُ اللهُ: لا يبطل، وعلى البائع ضمان القيمة أو المثل".
(٣) يُنظر: "البيان في مذهب الإمام الشافعي" للعمراني (٥/ ٣٧٩) حيث قال: "إذا تلف المبيع في يد البائع قبل أن يقبضه المشتري بآفة سماوية … انفسخ البيع ورجع المشتري إلى الثمن إن كان قد دفعه، سواءٌ كان البائع عرضه على المشتري فلم يقبل أو كان المشتري قد سأل ذلك ومنعه البائع، فإنَّه يتلف من ضمان البائع، وبه قال الشعبيّ، وربيعة، وأبو حنيفة وأصحابه … ".
(٤) يُنظر: "التجريد" للقدوري (٥/ ٢٤٢٧) حيث قال: "والمعنى في القبض في المنقولات: أن ملك المشتري يستقر بها، ألا ترى أن بعد القبض لا يعود إلى ملك البائع من غير فعل أحد ولا يبقى في ملك المبتاع له، وإن هلك فينتقض ملكه فيها، فيقع هلاكها على ملك البائع فلم يجز التصرف لعدم استقرار الملك، والعقار قبل القبض قد استقر فيه الملك؛ لأنه لا يعود إلى ملك البائع بغير فعل حادث … ".

<<  <  ج: ص:  >  >>