للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب أحمد إلى أن ما فيه توفية - أي: المكيل والموزون والمعدود - إذا كال البائع المبيع أو وزنه أو عدَّه للمشتري فإذن ذلك يعتبر قبضًا ويكون في ضمان المشتري، وأما قبل ذلك فهو في ضمان البائع (١).

ومذهب مالك قريب من مذهب أحمد، وسيأتي.

* قوله: (وَأَمَّا مَالِكٌ فَلَهُ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ: وَذَلِكَ أَنَّ الْمَبِيعَاتِ عِنْدَهُ فِي هَذَا الْبَابِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: بَيْعٌ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ مِنْ وَزْنٍ، أَوْ كَيْلٍ، وَعَدَدٍ).

كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من ابتاع طعامًا فلا يبيعه حتى يستوفيه" (٢) - أي: يقبضه - هذا هو القسم الأول عند الإمام مالك حق فيه توفية؛ أي: أن يسلم البائع المشتري السلعة.

* قوله: (وَبَيْعٌ لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، وَهُوَ الْجُزَافُ (٣)، أَوْ مَا لَا يُوزَن، وَلَا يُكَال، وَلَا يُعَدُّ).

يبدو أن في العبارة شيئًا، فليس هذا هو المصطلح الشرعي للجزاف؛ فالجزاف هو الذي لا يكال ولا يوزن، أما بالنسبة للمفهوم اللغوي فهو ما


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٤/ ٨٢) حيث قال: " (وإذا وقع البيع على مكيل، أو على موزون، أو معدود، فتلف قبل قبضه، فهو من مال البائع). ظاهر كلام الخرقي أن المكيل والموزون والمعدود لا يدخل في ضمان المشتري إلا بقبضه، سواء كان متعينًا، كالصبرة، أو غير متعين، كقفيز منها. وهو ظاهر كلام أحمد. ونحوه قول إسحاق … وقال القاضي وأصحابه: المراد بالمكيل والموزون والمعدود ما ليس بمتعين منه، كالقفيز من صبرة، والرطل من زبرة، ومكيلة زيت من دن، فأما المتعين فيدخل في ضمان المشتري، كالصبرة يبيعها من غير تسمية كيل". وانظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٢٤٢).
(٢) أخرجه البخاري (٢١٢٦)، ومسلم (١٥٢٦).
(٣) الجزاف: بيع الشيء لا يعلم كيله ولا وزنه، وهو اسم من جازف مجازفة من باب قاتل. انظر: "المصباح المنير" للفيومي (١/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>