للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (قَالُوا: فَلَمْ يَحْكُمْ بِالْجَائِحَةِ، فَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: هُوَ تَعَارُضُ الْآثَارِ فِيهَا وَتَعَارُضُ مَقَايِيسِ الشَّبَهِ).

إذا تعارضت الأدلة الصحيحة فإنه يُلجأ إلى الجمع، وفي هذه المسألة لا يمكن الجمع، فسلك أهل العلم مسلك الترجيح؛ فذهبت المالكية والحنابلة إلى القول بوضح الجوائح، خلافًا للحنفية والشافعية.

* قوله: (وَقَدْ رَامَ (١) كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ صَرْفَ الْحَدِيثِ الْمُعَارِضِ لِلْحَدِيثِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَهُ بِالتَّأْوِيلِ).

أي: حاول أن يصرف الدليل الآخر لتبقى أدلته حجة ظاهرة.

* قوله: (فَقَالَ مَنْ مَنَعَ الْجَائِحَةَ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِهَا إِنَّمَا وَرَدَ مِنْ قِبَلِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا (٢)، قَالُوا: وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَثُرَ شَكْوَاهُمْ بِالْجَوَائِحِ أَمَرُوا أَنْ لَا يَبِيعُوا الثَّمَرَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُه، وَذَلِكَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَشْهُورِ (٣)).

وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة وجد الناس يبيعون الثمار قبل بدو صلاحها؛ فكثرت النزاعات بينهم، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها.


(١) رام يروم رومًا ومرامًا، أي: طَلَبَ. انظر: "العين" للخليل الفراهيدي (٨/ ٢٩١).
(٢) يُنظر: "روضة المستبين" لابن بزيزة (٢/ ٩٦٦) حيث قال: "وزعم بعض أهل العلم أن الأمر بوضعها كان قبل النهي عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها". وانظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٣١٠).
(٣) أخرجه البخاري (٢١٨٣، ٢١٨٤)، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه، ولا تبيعوا الثمر بالتمر". قال سالم: وأخبرني عبد الله، عن زيد بن ثابت: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب، أو بالتمر، ولم يرخص في غيره. وأخرجه مسلم (١٥٣٤)، (١٥٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>