للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيء الذي لا اختلاف فيه بين العلماء (١) الذين قالوا بوضع الجوائح: أن ما يُعد قليلًا لا يُنظر إليه، فلو ذهبت مثلًا عشر ثمرات، أو عشر تمرات، أو عشرين؛ فهذه أمور قليلة لا يُلتفت إليها؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما كان يبعث السعاة الذين يخرصون الثمار؛ كان يوصيهم عليه الصلاة والسلام بقوله: "إذا خَرَصْتم فدعوا الثلث، فإن لم تَدَعوا الثلث فدعوا الربع" (٢).

فالثمار تهزها الرياح وربما تساقط منها الشيء الكثير، وترتادها الطيور فتأكل منها وتؤثر فيها، وغير ذلك من الأسباب.

ومن هنا جاء الرأي الذي يلتقي فيه المذهبان المالكي والشافعي (٣) - في رواية في كل منهما - بأن القدر في ذلك هو الثلث، فإذا ذهب الثلث كانت جائحة، وإذا كان دون ذلك فلا.

وفي المذهبين رواية أخرى (٤): لا فرق بين قليل الجائحة وكثيرها؛


= الثمار الجائحة، وأطلق في القدر حتى يعم الثمار وغيرها إلا أن الثمار فيها شرط الثلث، وأطلق في الثمر ظاهره أي ثمر كان، وكذلك النبات كالبقول، وما شابهها، وهو كذلك إلا أنه لا تحديد في قدرها". وانظر: "التاج والإكليل" للمواق (٤/ ٥٠٨).
(١) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٢٨٥) حيث قال: " (ولو) كان التالف (أقل من الثلث) أي: من ثلث الثمرة (بجائحة سماوية وهي ما لا صنع لآدمي فيها كريح ومطر وثلج وبرد) بفتح الراء المطر المنعقد (وبرد) بسكون الراء ضد الحر (وجليد وصاعقة وحر وعطش ونحوها وكذا جراد ونحوه) … (لكن يسامح في تلف يسير لا ينضبط) ".
(٢) أخرجه أبو داود (١٦٠٥)، وضعَّفه الألباني في "التعليقات الحسان" (٣٢٦٩).
(٣) يقصد الحنبلي، كما تقدم.
(٤) يُنظر: "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (٣/ ١٨٦) حيث قال: "توضع جائحة البقول وإن قلت، سواء كانت جائحتها من العطش أو من غيره، والحاصل أنَّ الجائحة من العطش توضع وإن قلت، كان المجاح ثمارًا أو بقلًا، وإن كانت من غير العطش فإن كان المجاح بقلًا وضعت، وإن قلت وإن كان المجاح ثمارًا وضعت إن كانت ثلث المكيلة فليست البقول كالثمار؛ وذلك لأنَّ البقول لما كانت تجذ أولًا فأولًا لم ينضبط قدر ما يذهب منها".=

<<  <  ج: ص:  >  >>