الإسلام، وممن كانت لهم مكانة عظيمة، فإنه عرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه ذو مال، وهذا دليل على أن المال ليس مكروه، وأن جمع المال إذا كان من طريق مشروع وأدى الإنسان حق الله فيه؛ فإنه يكسب عن طريق ذلك المال فضلًا عظيمًا وثوابًا جزيلًا من الله تعالى، لكن لو أخذه عن طريق حرام، أو أنفقه في الحرام، فإنه سيكون بلا شك وبالًا عليه.
وقد منعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أن ينفق ثلثيه، ومن أن ينفق نصفه، ثم أرشده - صلى الله عليه وسلم - إلى الحد الذي ينبغي أن يفعله فقال:"الثلث، والثلث كثير". ثم ذكر العلة عليه الصلاة والسلام التي لأجلها منعه أن يتصدق بماله أو ثلثيه أو نصفه وقال له:"إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير" أي: أخير لك وأفضل وأجل لك، "من أن تدعهم عالة" بمعنى فقراء "يتكففون الناس" أي: يمدون أكفهم إلى الناس يسألونهم لا يدرون أعطوهم أم منعوهم.
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يوصي بذلك لصلة الأرحام، والعناية بالأقارب والاهتمام بهم، وإعطائهم حقوقهم، كما نجد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حضَّ أيضًا على النفقة ورغب فيها فقال:"إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى اللقمة تضعها في فِيّ امرأتك".
ونعلم بأن حظ الإنسان - كما يقول العلماء - من هذه الحياة الدنيا هي المرأة الصالحة، وهي أكثر ما يداعبها الإنسان ويلاعبها، وغالبًا إذا وضع اللقمة في فيها فإنه عن طريق الملاعبة والمداعبة، ومع ذلك فإذا فعل هذا المباح وقصد به وجه الله تعالى فإنه يثيبه عليه.
ونستخرج حكمًا عظيمًا من هذا الحديث بأن الأفعال التي أباحها الله سبحانه وتعالى إذا فعلها أحدنا وقصد بها وجه الله تعالى والدار الآخرة، فإن الله تعالى يبدله بها ثوابًا عظيمًا، ويجازيه عليها، هذا إذا كان في حق امرأته، فما بالكم لو كان بحق غيرها؟!
وبهذا نتبين سمو هذه الشريعة ومكانتها وعنايتها بالنفوس، وأيضًا ما فيها مما أعده الله سبحانه وتعالى للمتقين المحسنين الذين يبذلون أموالهم في سبيل الله سبحانه وتعالى ابتغاء مرضاته.