للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والناظر في قواعد الشريعة يجد أنها تنبذ الضرر، وقد سبق قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " لا ضَرر، ولا ضرار " (١)، وقال تعالى في حق المُكْرَه: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦]، وقال: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦]، وَفِي الحَديث: " عُفِيَ عن أُمَّتي عن الخَطإ والنسيان وما استكرهوا عليه " (٢).

وَكَذَلك إذا كان يترتب على استعماله الماءَ زيادةٌ في مرضه، أو تأخيرٌ لبُرْئه، فهذا له أن يتيمم؛ لقاعدة: " المشقَّة تجلب التيسير " (٣).

وبَعْضهم (٤) أوجبَ علَيه استعمال الماء، وهو قولٌ ضعيفٌ.

أما إذا كان المرضُ يسيرًا؛ كصداع أو حمى أو جرح يسير لا يتأثر أو نحوه، فهذا لا ينبغي له أن يعدلَ عن الأصل (وهو الماء) إلى البدل (وهو التيمم).

* قوله: (وَكذَلِكَ الصَّحِيحُ الَّذِي يَخَافُ الهَلَاكَ أَوِ المَرَضَ الشَّدِيدَ مِنْ بَرْدِ المَاءِ وَكذَلِكَ الَّذِي يَخَافُ مِنَ الخُرُوجِ إِلَى المَاءِ إِلَّا أَنَّ مُعْظَمَهُمْ


(١) أخرجه ابن ماجه (٢٣٤٠)، وَصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في " إرواء الغليل " (٨٩٦).
(٢) لم يرد بهذا اللفظ، وإنما بلفظ أخرجه ابن ماجه (٢٠٤٥) عن ابن عباس: " إنَّ اللهِ وَضَع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "، وصححه الأَلْبَانيُّ في " إرواء الغليل " (٨٢).
(٣) تقدم الكلام عليها.
(٤) وهو قول عطاء والحسن.
أما قول عطاء: فأخرجه عبد الرَّزَّاق في " المصنف " (١/ ٢٢٢)، قال: عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: شأن المجدور، هل له رخصة في أن يتوضَّأ؟ وتلوت عليه: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ}، وهو ساكت كذلك حتى جئت، {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} قال: " ذلك إذا لم يجدوا ماءً، فإن وجدوا ماءً فليتطهروا "، قال: " وإن احتلم المجدور، وَجَب عليه الغسل، والله لقد احتلمت مرة - عطاء القائل - وأنا مجدور فاغتسلت، هي لهم كلهم إذا لم يجدوا الماء (يعني: الآية) ".
وأمَّا قول الحسن: فقال ابن حزم: إِنْ خشي زيادة علته، فهو أيضًا عسرٌ وحرجٌ، وقال عطاء والحسن: والمريض لا يتيمم أصلًا ما دام يجد الماء، ولا يجزيه إلا الغسل والوضوء، المجدور وغير المجدور سواء. يُنظر: " المحلى " (٢/ ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>