للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بذلك ابن أبي ليلى إلحاقًا للفرع بالأصل؛ لأنه يعتبر الثمرة تتبع الأصل، فلما أصبح الأصل للمشتري فينبغي أن تلحق الثمرة بأصلها - أي: الشجرة - فتكون له كذلك.

ونحن نقول: إن هذا القياس - أو التعليل - مقبول لو لم يرد نص، لكنه لا قياس مع النص، فالنص موجود بين أيدينا وهو حديث متفق عليه، وينبغي أن نأخذ به، ومذهب جمهور العلماء في رأيي - مع أنهم يستدلون بمفهوم المخالفة - أقوى؛ لأنه أصرح دلالة من مفهوم الموافقة الذي استدل به الحنفية.

ونحن لا نستطيع أن نحكم بأنه رد الحديث بالقياس، فربما أن الحديث لم يبلغه، أو أنه سمع الحديث فتأوله، لكن الحديث يرد عليه بلا شك، ولا مجال للقياس مع وجود نص صحيح صريح في المسألة.

* قوله: (وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَلَمْ يَرُدَّ الْحَدِيثَ، وَإِنَّمَا خَالَفَ مَفْهُومَ الدَّلِيلِ فِيهِ).

يقصد المؤلف أن أبا حنيفة ما رد الحديث؛ لكنه تأول الدليل بأن فيه مفهوم موافقة، وهو بعيد جدًّا، والحديث لفظ منطوق ومفهوم، والمفهوم هو مفهوم مخالفة؛ لأنه لما نص على أن من باع ثمرًا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع الذي أبرها وتعب فيها؛ مفهومه أنه إذا لم يؤبرها هذا يتبادر إلى ذهن الإنسان مباشرة أنها للمشتري.

* قوله: (فإذن سَبَبُ الْخِلَافِ - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَمَالِكٍ - وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ - مُعَارَضَةُ دَلِيلِ الْخِطَابِ لِدَلِيلِ مَفْهُومِ الْأَحْرَى وَالْأَوْلَى، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى فَحْوَى الْخِطَابِ، لَكِنَّهُ هَاهُنَا

ضَعِيفٌ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ أَقْوَى مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ).

وأحمد أيضًا، فالأئمة الثلاثة رأيهم واحد في هذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>