للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن الأقوال في ذلك ثلاثة:

الأول: قول جمهور العلماء - الأئمة الثلاثة.

الثاني: قول أهل الظاهر، وسبق وذكرنا أن أهل الظاهر قاعدتهم أنه يملك كغيره.

الثالث: وهو قول الإمام مالك، حيث فرَّق بين العتق وبين غيره، وسيأتي معنا أن سبب تفريق مالك بين العتق وبين البيع هو الحديث الذي رواه في موطئه - ورواه غيره - ولكنه حديث ضعيف سيذكره المؤلف.

* قوله: (فَحُجَّةُ مَنْ رَأَى أَنَّ مَالَهُ فِي الْبَيْعِ لِسَيِّدِهِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمَشْهُور، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ؛ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ").

وهو حديث صحيح معروف جاء متفقًا عليه من رواية (١)، وجاء في مسلم في رواية أخرى (٢).

إذن الحديث صريح في أنه من باع عبدًا وله مال فهو للبائع؛ وذلك لأنه هو الذي ملكه إياه، وإذا كان يملكه فمن باب أولى أن يملك ماله وهو أحق به من المشتري؛ لكن لو اشترطه المشتري فإنه يتبعه في هذه الحالة، وهذا هو رأي الجمهور، وقد أخذوا بظاهر الحديث كما هو واضح.

* قوله: (وَمَنْ جَعَلَهُ لِسَيِّدِهِ فِي الْعِتْقِ فَقِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ).

وقد أشرنا إلى هذا في المقدمة، وقد بنوا ذلك على قول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: ٢٩]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فماله للذي باعه" فقال أهل الظاهر (٣): ثبت له المال فتملك إذن هو أحق به.


(١) أخرجه البخاري (٢٣٧٩)، ومسلم (١٥٤٣).
(٢) لم أقف إليها.
(٣) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٢٧٧) حيث قال: "ماله تبع له في البيع والعتق جميعًا، وممن قال ذلك الحسن والزهري، وهو قول داود وأبي ثور".

<<  <  ج: ص:  >  >>