للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذه المسألة حصل خلاف بين المتبايعين في السلعة، ومثالها أن يقول البائع: بعتك هذه السلعة بألف ومائتين، والمشتري يقول: بل اشتريتها بألف.

إذن هناك فرق بين كلام البائع والمشتري، والمسألة هنا لا تخلو من أمرين:

الأول: أن يكون عند أحد المتبايعين بينة: فإن كانت هناك بينة عند البائع بأنه باع هذه السلعة بألف ومائتين فلا شك أن قوله هو المقدم؛ لأن عنده شهودًا يثبتون ذلك، وإن كانت البينة في جانب المشتري فإنه في هذه الحالة أيضًا القول قول المشتري، ولم يتعرض لها المؤلف لأنه لا خلاف فيها.

وهذا إذا حصل خلاف بينهما عن طريق النسيان؛ لكن أن يتعمد أحد الطرفين استغلال الآخر ويطلب أكثر فهذا لا يجوز، ويدخل في قول الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨]؛ لأنه قد يكون أحد طرفي النزاع إنسانًا سهلًا ضعيفًا لا يحب الخصومة، ويقبل بالخسارة على أن يقع فيها، فيكون الآخر حينها قد اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق، وهو حينها من الثلاثة الذين لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم.

والناس أيضًا يختلفون؛ فمنهم من إذا طلبت منه اليمين أخذته الخشية والخوف وامتنع، وبعضهم ما أسهل اليمين الكاذبة على لسانه، بل هو يؤديها دون أن تطلب منه.

الثاني: ألا يكون لأحد المتبايعين بينة: وهي المسألة المقصودة في هذا المبحث، فأحد المتبايعين يقول: السلعة بكذا، والآخر يقول: اشتريتها بكذا، ولا بينة لأحدهما، ولا شك أن أحدهما في هذا المقام مدعٍ، والآخر منكر، وربما ينطبق عليهما الأمران، فيكون البائع مدعٍ في جانب ومنكرًا في جانب آخر، والمشتري أيضًا يدعي بأن ثمن السلعة كذا، وينكر ما يقوله البائع، وقد يجتمعان في طرف!!

والملاحظ أن الاختلاف كبير في هذه المسائل، فكل مسألة لا نجد نصًّا يحسم النزاع فيها ويرفعه، والخلاف فيها يتشعب والأقوال تتعدد،

<<  <  ج: ص:  >  >>