للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَحُجَّةُ الجُمْهُورِ: أَنَّ النَّهْيَ يَتَضَمَّنُ فَسَادَ المَنْهِيِّ، فَإِذَا انْعَقَدَ البَيْعُ فَاسِدًا لَمْ يُصَحِّحْهُ بَعْدُ رَفْعُ الشَّرْطِ الَّذِي مِنْ قِبَلِهِ وَقَعَ الفَسَاد، كَمَا أَنَّ رَفْعَ السَّبَبِ المُفْسِدِ فِي المَحْسُوسَاتِ بَعْدَ فَسَادِ الشَّيْءِ لَيْسَ يَقْتَضِي عَوْدَةَ الشَّيْءِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الفَسَادِ مِنَ الوُجُودِ فَاعْلَمْهُ).

إنَّ الأصل في النهي أنه يقتضي فساد المنهي عنه، والأصل في الأمر أنه للوجوب، كما أن الأصل في النهي أنه للتحريم ما لم يوجد صارف يصرفه عنه أو قرينة أو نحو ذلك؛ ومنه فالنهي في الأصل لا يقتضي فساد المنهي عنه.

يعني أن الجمهور يقولون بأنه قد وقع هذا البيع في أصله فاسدًا، فإبطال هذا الشرط لا يغير شيئًا؛ لأن هذا المبيع بُني على عقد فاسد، فلا يتغير فساد العقد بإلغاء هذا الشرط.

ومثال ذلك لو باع سلعة ومعها شيء من خمر أضافه إليه، ثم بعد العقد ألغي هذا المضاف، فلا خلاف بين العلماء بأن البيع فاسد، وهذا في المحسوسات، وكذلك الأمر بالنسبة للمعنويات.

* قوله: (وَرُوِيَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ البَرْمَكِيَّ سَأَلَ عَنْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِسْحَاقَ المَالِكِيَّ، فَقَالَ لَهُ: مَا الفَرْقُ بَيْنَ السَّلَفِ، وَالبَيْعِ، وَبَيْنَ رَجُلٍ بَاعَ غُلَامًا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَزِقِّ خَمْرٍ، فَلَمَّا انْعَقَدَ البَيْعُ بَيْنَهُمَا قَالَ: أَنَا أَدَعُ الزِّقَّ، وَهَذَا البَيْعُ مَفْسُوخٌ عِنْدَ العُلَمَاءِ بِإِجْمَاعٍ) (١).


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٤٣٤) حيث قال: "وهو قول الشافعي وأبي حنيفة وأصحابهما وسائر العلماء … قد سأل محمد بن أحمد بن سهل البركاني عن هذه المسألة إسماعيل بن إسحاق فقال: ما الفرق بين البيع والسلف؟ وبين رجل باع غلامًا بمائة دينار وزق خمر أو شيء حرام ثم قال: أنا أدع الزق أو الشيء الحرام قبل أن يأخذه، وهذا البيع مفسوخ عند مالك غير جائز".

<<  <  ج: ص:  >  >>