للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَأَمَّا سَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الخَائِفِ مِنَ الخُرُوجِ إِلَى المَاءِ، فَاخْتِلَافُهُمْ فِي قِيَاسِهِ عَلَى مَنْ عَدِمَ المَاءَ، وَكذَلِكَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الصَّحِيحِ يَخَافُ مِنْ بَرْدِ المَاءِ، السَّبَبُ فِيهِ هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي قِيَاسِهِ عَلَى المَرِيضِ الَّذِي يَخَافُ مِنَ اسْتِعْمَالِ المَاءِ، وَقَدْ رَجَّحَ مَذْهَبَهُمُ القَائِلُونَ بِجَوَازِ التَّيَمُّمِ لِلْمَرِيضِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ فِي المَجْرُوحِ الَّذِي اغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَأَجَازَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- المَسْحَ لَهُ، وَقَالَ: "قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ" (١)، وَكَذَلِكَ رَجَّحُوا أَيْضًا قِيَاسَ الصَّحِيحِ الَّذِي يَخَافُ مِنْ بَرْدِ المَاءِ عَلَى المَرِيضِ بِمَا رُوِيَ أَيْضًا فِي ذَلِكَ عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ أَنَّهُ أَجْنَبَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَتَيَمَّمَ، وَتَلَا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: ٢٩]، فَذُكرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَلَمْ يُعَنِّفْ).

ذكرَ المؤلِّف رحمه الله أنَّ سَببَ اختلَافهم في هذه المَسْألة هو القيَاس علَى المريض الَّذي يخاف من استعمال الماء، ولَيْست القضية قضية قياس كما ذكر المؤلف، حيث وَرَد النَّصُّ بذلك كما في قصة تيمم عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل لمَّا أجنب في ليلةٍ باردةٍ، فتيمم وصلى بأصحابه، فَذَكروا ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فلم يُعنِّف (٢)، أَيْ: لم ينكر عليه، ولو كان ما فَعَله خطأً لبَيَّنه رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-.

وَأَشَار المُؤلِّف هنا إلى حديث جابرٍ -رضي الله عنه- (٣) في المجروح الذي اغتسل فمات، فأجاز النبي -صلى الله عليه وسلم- المسح له، ولكنه حديثٌ ضعيفٌ، ولو صحَّ لكان حَاسمًا في المسألة.

قال المصنف رحمه الله تعالى:


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>