للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَجَمِيعُ الْكُوفِيِّينَ، وَالْبَصْرِيِّينَ: يَجُوزُ جَمِيعُ ذَلِكَ (١)).

قال: (وَعُمْدَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي مَنْعِهِ ذَلِكَ: الاتِّهَام، وَهُوَ مُصَيِّرٌ إِلَى الْقَوْلِ بِسَدِّ الذَّرَائِعِ (٢)، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَتَّهِمُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَاطِلُ إِنَّمَا قَصَدَ بِذلِكَ بَيْعَ الذّهَبَيْنِ مُتَفَاضِلًا (٣)).

فمالِكٌ - رحمه الله - يرى أنَّه مُتَّهم، فيُخشى أن يكون ذلك وسيلة إلى التفاضل؛ فقال بالمنع سدًّا للذرائع، وسدُّ الذرائع؛ إغلاق كل باب قد يُوصل سالكه إلى المحرَّم.

قوله. (فَكَأَنَّهُ أَعْطَى جُزْءًا مِنَ الْوَسَطِ بِأَكثَرَ مِنْهُ مِنَ الْأَرْدَأ، أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ مِنَ الْأعْلَى، فَيَتَذَرَّعُ مِنْ ذَلِكَ إِلَى بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ مُتَفَاضِلًا).

إذا قصد المُراطل بيع أحد العوضين - أعني: أحد الثمنين - بالآخر؛ فهذا لا يجوز.

قوله: (مِثَالُ ذَلِكَ: أَنَّ إِنْسَانًا قَالَ لِآخَرَ: خُذْ مِنِّي خَمْسَةً


= الصفقة على مال الربا من الجانبين، واختلف الجنس في أحد الجانبين، أو في كلا الجانبين، أو اختلف النوع؛ فالبيع باطل".
(١) قال محمد: "قال أبو حنيفة في الرجل يراطل الرجل الذَّهب فيعطيه الذِّهَب العتْق الْجِيَاد، وَيجْعَل مَعها تبرًا ذَهبًا غير جَيدَة وَيَأْخُذ من صَاحبه ذَهَبًا كوفية مقطعَة، وَتلك الكوفية مَكْرُوهَة عِنْد النَّاس فيتبايعان بذلك مثلًا بِمثل لَا فضل بَينهمَا فِي الْوَزْن؛ أنَّ ذَلِك جَائِز لَا بَأْس بهِ؛ لأنَّ ردئ الذهَب وجيده سَوَاء". انظر: "الحجة على أهل المدينة"؛ للشيباني (٢/ ٥٨٦).
(٢) الذرائع: جمع ذريعة، "وهي الوسيلة إلى الشيء، ومعناها حسم مادة وسائل الفساد دفعًا لها، إذا كان الفعل السالم من المفسدة وسيلة إلى مفسدة". انظر: "الصحاح"؛ للجوهري (٣/ ١٢١١). و"الفروق"؛ للقرافي (٢/ ٣٢).
(٣) انظر: "الموطأ" (٤/ ٩٢٢)، وفيه: "قال مالك: من راطل ذهبًا بذهب، أو وَرِقًا بوَرِق، فكان بين الذهبين فضلُ مثقال، فأعطى صاحبه قيمته من الوَرِق، أو من غيرها، فلا يأخذه، فإنَّ ذلك قبيح، وذريعة للرِّبَا؛ لأنَّه إذا جاز له أن يأخذ المثقال بقيمته، حتى كأنَّه اشتراه على حدته، جاز له أن يأخذ المثقال مرارًا لِأَنْ يُجيز ذلك البيع بينه وبين صاحبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>