للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبِيعُ الإِبِلَ بِالْبَقِيعِ، فَأبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ. فَأتَيْت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أبِيعُ الإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَأبِيعُ بالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، فقالَ - صلى الله عليه وسلم -: "لا بَأْسَ إِذَا أخَذْتَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا، وَافْتَرَقْتُمَا وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ" (١).

فبيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه لا بأس بذلك إذا حَصَل في ذلك التقابض.

قوله: (فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الْقَبْضُ قَبْلَ الافْتِرَاقِ (٢)، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، إِلَّا أَنَّهُ أَجَازَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ (٣)، وَلَمْ يُجِزْ ذَلِكَ جَمَاعَة مِنَ الْعُلَمَاءِ، وسَوَاءٌ أكانَ الْأَجَلُ حَالًّا أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ (٤)).

أجازه جمهور الفقهاء؛ لورود النَّص الذي ذكرناه (٥)، وذكره المؤلف، فقال:


(١) أخرجه أبو داود (٣٣٥٤)، وغيره، وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (١٣٥٩).
(٢) انظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم"؛ للقاضي عياض (٥/ ٢٦٤)، وفيه قال: "مذهب مالك وأصحابه جواز اقتضاء الدراهم ممَّن لك عنده دنانير حلت عليه، ومصارفته بها وإن لم يحضر الذهب، ولا بُدَّ من حضور الدراهم، وكذلك ذهب عن دين دراهم، وكذلك أجار أن يتصارف رجلان لأحدهما على الآخر دراهم، ولهذا على ذلك دنانير إذا حلتا جميعًا، إذا تناجزا في جميع ذلك بالحين، وتراضيا في الحين على ما شاء من قليل وكثير".
(٣) انظر: "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق"؛ للزيلعي (٤/ ١٤٠)، قال فيه: "لو تصارفا دراهم دين بدنانير دين يصح لفوات الخطر، لكون كل واحد منهما ثابتًا قبل البيع".
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٤/ ٣٧٦)، عن ابن مسعود: "أنَّه كان يكره اقتضاء الذهب من الوردق، والورق من الذهب". وأخرج أيضًا عن ابن عباس ذلك من "أنَّه كره أن يعطى الذهب من الورق، والورق من الذهب".
(٥) انظر: "معالم السنن"؛ للخطابي (٣/ ٧٤)، قال فيه: "وقد اختلف الناس في اقتضاء الدراهم من الدنانير: فذهب أكثر أهل العلم إلى جوازه، ومنع من ذلك أبو سلمة بن =

<<  <  ج: ص:  >  >>