لكن ليس هذا هو المختار عند أصحاب مالك، قال ابن عبد البر: "ولا يجتمع عند مالك صرف وبيع، وهو قول ربيعة هما جميعًا يكرهان ذلك، ولا يصلح عندهما إذا كان القصد إلى ذلك، وجملة مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك، وهو مذهب أكثر المصريين من أصحابه: إنَّه إذا باع دينارًا أو دينارين بعرض ودراهم فلا بأس أن تكون الدراهم ما بينك وبين صرف دينار، فإن كانت صرف دينار فلا خير فيه، وإن كان الذهب دينارًا واحدًا بعرض ودراهم فلا تكون الدراهم عند ابن القاسم، إلَّا قدر نصف دينار، أو أدنى؛ فإن زادت فلا خير فيه". انظر: "الكافي في فقه أهل المدينة" (٢/ ٦٣٩). (١) في مذهب الأحناف يجوز. انظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي"؛ للمرغيناني (٣/ ٨٣)، وفيه قال: "ولو تبايعا فضة بفضة، أو ذهبًا بذهب، وأحدهما أقل، ومع أقلهما شيء آخر تبلغ قيمته باقي الفضة؛ جاز البيع من غير كراهية، وإن لم تبلغ فمع الكراهة، وإنْ لم يكن له قيمة؛ كالتراب لا يجوز البيع؛ لتحقق الربا، إذ الزيادة لا يقابلها عوض فيكون ربا". وفي مذهب الشافعية قولان؛ قال الماوردي: "اختلف قول الشافعي في العقد الواحد إذا جمع شيئين مختلفين في الحكم؛ كبيع وإجارة، أو بيع وصرف، فأحد القولين أنَّه جائز فيهما جميعًا، لجواز كل واحد منهما على الانفراد، فجاز مع الاجتماع. والثاني: أنَّ العقد باطل فيهما جميعًا؛ لأنَّ لكل واحد منهما حكمًا مخالفًا لحكم الآخر، فلم يصحا - مع الاجتماع لتنافي حكمهما. وقال سائر أصحابنا: إنَّ هذا باطلٌ قولًا واحدًا". انظر: "الحاوي الكبير" (٥/ ٣٢٠). وقال النووي: "إذا جمع في العقد مبيعين مختلفي الحكم؛ كثوبي شرط الخيار في أحدهما دون الآخر، أو بين بيع وإجارة، أو بيع وسلم، أو إجارة وسلم، أو صرف وغيره، فقولان مشهوران: (أصحهما) صحة العقد فيهما، ويقسط العوض عليهما بالقيمة. (والثاني) يبطل فيهما". انظر: "المجموع شرح المهذب" (٩/ ٣٨٨، ٣٨٩). ومذهب الحنابلة الجواز. انظر: "مطالب أولي النهى"؛ للرحيباني (٣/ ٤٨)، قال: " (وإن جمع) في عقد (بين بيع وإجارة)، بأن باعه عبده، وأجره داره بعوض واحد؛ صحا، (أو) جمع بين بيع (وصرف)، بأن باعه عبده، وصارفه دينارًا بمائة درهم مثلا، صحَّا".