للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْنِي بِهِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَوْ مُسْلِمٌ، أَوْ مَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ" (١).

ومِنْ هذا الحديث الجليل القدر الذي خرج من مشكاة النبوة استنبطَ الفقهاءُ منه شروطًا ستَّة لا يصحُّ السَّلم إلَّا بها: ١ - أن يكون المُسلَم فيه موصوفًا، ٢ - وأن يكون منضبطًا، ٣ - وأن يكون مُؤجَّلًا، ٤ - وأن يكون مُقدَّرًا بكيلٍ أو وزنٍ، ٥ - وأن يكون الثمن مدفوعًا عند العقد، ٦ - وأن يكون موجودًا إذا حَلَّ الأجل (٢).

وهذه الشروطُ سيتكلَّم عنها المؤلف - رحمه الله - بشيءٍ من التفصيل.

قوله: (وَاتَّفَقُوا عَلَى امْتِنَاعِهِ فِيمَا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَهِيَ الدُّورُ وَالْعَقَارُ).

لأنَّ هذه لا يَنطَبِقُ عليها تعريف السَّلم (٣).


(١) الحق أنَّ الصَّواب مع ابن رشد، فإنَّ لفظة "التمر" ذكرها البخاري في "صحيحه"، ولعل الشارح سها في هذا الموضع، فقد أخرج البخاري (٢٢٤٠) بإسناده عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، قال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهم يُسلفون بالتمر السنتين والثلاث، فقال: "من أسلف في شيء، ففي كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم"، حدثنا علي، حدثنا سفيان، قال: حدثني ابن أبي نجيح، وقال: "فليسلف في كيل معلوم، إلى أجل معلوم".
(٢) انظر هذه الشروط في: "المقدمات الممهدات"؛ لأبي الوليد بن رشد (٢/ ٢٦).
(٣) انظر في مذهب الأحناف: "تحفة الفقهاء"؛ لأبي بكر السمرقندي (٢/ ١٤)، وفيه قال: "والحادي عشر أن يكون المسلم فيه ممَّا يضبط بالوصف، وهو أن يكون من الأجناس الأربعة؛ المكيل، والموزون، والذرعي، والعددي المتقارب، فأمَّا إذا كان ممَّا لا يضبط بالوصف؛ كالعدديات المتفاوتة، والذرعيات المتفاوتة، مثل الدور، والعقار، والجواهر، واللآلئ، والأدم، والجلود، والخشب، والروس، والأكارع، والرمان، والسفرجل، والبطاطيخ، ونحوها: لا يجوز؛ لأنَّ المُسلم فيه ما يثبت دينًا في الذمة، وسوى هذه الأجناس الأربعة لا يثبت دينًا في الذمة في عقود المعاوضات".
وانظر في مذهب المالكية: "الجامع لمسائل المدونة"؛ لابن يونس (١١/ ١٥٦)، وفيه قال: "لا يجوز السلم فيما يتعذر وجوده، ولا في الدور؛ لأنَّ السلم إنَّما يصح فيما يزال فيه، إذ لو وصف له صفة موضع الدار، فقد يتعذر عليه شراؤها هنالك".
وانظر في مذهب الشافعية: "المهذب في فقه الإمام الشافعي"؛ للشيرازي (٢/ ٧٥)، وفيه قال: "ولا يجوز السلم في العقار؛ لأنَّ المكان فيه مقصود والثمن يختلف باختلافه، فلا بُدَّ من تعيينه، والعين لا تثبت في الذمة".
وانظر في مذهب الحنابلة: "الهداية على مذهب الإمام أحمد"؛ للكلوذاني (ص ٢٥٧)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>