للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَأَمَّا سَائِرُ ذَلِكَ مِنَ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَان فَاخْتَلَفُوا فِيهَا).

المراد بالعُروض؛ عُروض التجارة.

قوله: (فَمَنَعَ ذَلِكَ دَاوُدُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ مُصَيَّرًا إِلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ).

أهلُ الظاهر وقفوا عند ظاهر النصِّ: "فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم"، ووجه استدلالهم: أنَّ الحديثَ لم يذكر العُروض، فلا تدخل في ذلك (١).

ولمَّا كان أهل الظاهر لا يعملون بالقياس ضاق باعُهم فلم يصلوا إلى ما وصل إليه بقية الفقهاء رحمهم الله؛ لذلك قال المؤلف:

(وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّه جَائزٌ فِي الْعُروضِ الَّتِي تَنْضَبِطُ بِالصِّفَةِ، وَالْعَدَدِ).

أمَّا عن الضبط بالصفة: فلا بُدَّ؛ ولذلك ذكرنا في التعريف: "بيعُ شيءٍ موصوفٍ في الذِّمَّة"، فإن كان المُسلَم فيه حيوانًا - مثلًا - تَصِفُه؛ بنوعه، وسِنِّه، ولونه، وإن كان سيارةً فتقول: "هي من صُنع اليابان"، وقد يقول قائل: لماذا اشترط الفقهاء أن يكون وصفًا مضبوطًا؟ وَالجواب: لأنَّ هذا ممَّا يختلف فيه السَّلم عن البيع، فأنت عندما تشتري سلعة تراها أمامك، لكنَّ السَّلم يُوصف في الذِّمة، فلا بد من أوصاف دقيقة حتى يتطابق المسلَم فيه مع الثمن.


= وفيه قال: "ولا يصح السلم في العقار، والنخل، والأشجار الثابتة، وكل عين لا يجوز أن تسلم ثمنًا واحدًا في جنس حتى يتبين مقدار ما لكل جنس من الثمن".
(١) انظر:" الاستذكار"؛ لابن عبد البر (٦/ ٥١٧)، قال: "قال داود، وطائفة من أهل الظاهر: لا يجوز السلم في الحيوان، ولا في شيء من الأشياء إلَّا في المكيل والموزون خاصة، وما خرج عن الكيل والوزن فالسلم فيه غير جائز، لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع ما ليس عند البائع، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من سلم فليسلم في كليل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم"، ويخص المكيل، والموزون".
وقال ابن حزم: "لا يجوز السلم إلَّا في مكيل، أو موزون فقط، ولا يجوز في حيوان، ولا مذروع، ولا معدود، ولا في شيء غير ما ذكرنا". انظر: "المحلى بالآثار" (٨/ ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>