للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَمِيمٌ}، ثم بين الله - سبحانه وتعالى - أنَّ ركوب هذا الطريق وسلوكه أمر صعب، فقال: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥)}.

قوله: (قَالُوا: فَهَذَا هُوَ شِرَاءٌ حَالٌّ بِتَمْرٍ فِي الذِّمَّةِ).

وبينَّا أنَّ هذا الحديثُ لا يصلح دليلًا للشافعية؛ لأنَّه لا علاقة له بمحل الخلاف، وإنَّما الذي ورد في الحديث هو القرض، والقرض نوع من أنواع السَّلف، وليس كل سلفٍ يكون قرضًا (١).

قوله: (وَالْمَالِكِيَّة مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى أَنَّ السَّلَمَ إِنَّمَا جُوِّزَ لِمَوْضِعِ الارْتِفَاقِ) (٢).

القصد من السَّلم الإرفاق بحالة الناس، فليس كل الناس من أصحاب الزروع والثمار، والمتاجر، والمصانع، والمعامل يملكون أموالًا لينفقوا على تلك المصانع، والمزارع، أو غيرها، فيحتاجون إلى مبالغ، فكان السلم عونًا لهم.

قوله: (وَلأَنَّ الْمُسْلِفَ يَرْغَبُ فِيهِ لِمَوْضِعِ النَّسِيئَةِ، وَإِذَا لَمْ يُشْتَرَطِ الْأَجَلُ زَالَ هَذَا الْمَعْنَى).

قصدُ المؤلف: أنَّ الإنسان ربما إذا قدَّم الثمن في سلعة مُؤجَّلة يكون ذلك أرخص له؛ لأنَّ المسلَم إليه يحتاج إلى المال، فيكون قد راعى جانب المسلَم إليه في تخفيض المبلغ المطلوب.


(١) قال القرافي: "الجواب أنَّ الحديث وإن صح فليس بسلم، بل وقع العقد على تمر معين موصوف؛ فلذلك قال: لم أجد شيئًا، والذي في الذمة لا يقال فيه ذلك ليسره بالشراء، لكن لمَّا رأى رغبة البدوي في التمر اشترى له تمرًا آخر، ولأنَّه أدخل الباء على التمر فيكون ثمنًا لا مثمنًا؛ لأنَّ الباء من خصائص الثمن". انظر: "الذخيرة" (٥/ ٢٥٢).
(٢) "الارتفاق: الانتفاع، ارتفق بالشيء: انتفع به". انظر: "النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب"؛ لمحمد بن بطال (١/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>