للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَحْمَدَ (١)، وَإِسْحَاقَ، وَأَبَا ثَوْرٍ لَمْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ، وَقَالُوا: يَجُوزُ السَّلَمُ فِي غَيْرِ وَقْتِ إِبَّانِهِ (٢). وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُه، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَجُوزُ السَّلَمُ إِلَّا فِي إِبَّان الشَّيْءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (٣). فَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الْإِبَّانَ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُسْلِمُونَ فِي التَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاثَ (٤)).

معنى إبَّانه: وجوده (٥).

مثال ذلك: إذا أسلم الرجل فقال: أسلمتُ إليك، وأسلفتُ إليك في نخلٍ كذا وكذا، هل يشترط أن يكون نوع الثمرة موجودًا في ذلك الوقت أو لا؟

الأئمة الثلاثة لا يشترطون ذلك، بل قالوا: يجوز أن يأتي إنسان إلى صاحب مزرعة فيسلم إليه في الشتاء، ومعلوم أنَّ الرطب إنَّما ينضج في وقت الصيف بعد مرور فترة.


(١) انظر: "الإقناع"؛ للحجاوي (٢/ ١٤٢)، قال فيه: "يشترط أن يكون المسلم فيه عام الوجود في محله، سواء كان موجودًا حال العقد أو معدومًا، فإن كان لا يوجد فيه أو لا يوجد إلَّا نادرًا، كالسَّلم في الرُّطب والعنب إلى غير وقته؛ لم يصح".
(٢) انظر: "الاستذكار"؛ لابن عبد البر (٦/ ٣٨٥)، قال فيه: "قال مالك، والشافعي: يجوز السلم في التمر قبل حينه إذا كان مثله موجودًا في أيدي الناس وقت حلول الأجل في الغالب، فإن كان ينقطع حينئذٍ لم يجز، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور".
(٣) انظر: "مختصر اختلاف العلماء"؛ للطحاوي (٣/ ٩)، وفيه قال: "قال أصحابنا لا يجوز السلم إلَّا أن يكون المسلم فيه موجودًا في أيدي الناس من وقت العقد إلى وقت حلول الأجل، فإن كان منقطعًا في شيءٍ من ذلك لم يصح، وقال الثوري، والأوزاعي: لا يجوز السلم إلَّا فيما كان في يد الناس منه شيء، ولا يجوز إذا لم يكن في يد الناس منه شيء".
(٤) سبق تخريج هذا الحديث.
(٥) انظر: "المغرب في ترتيب المعرب"؛ للمطرزي (ص ١٧)، قال فيه: "الإبَّان وقتُ تهيئة الشيءِ واستعدادِه، يقال: كلُّ الفواكه في إبَّانها، وهو فِعْلَانٌ، من أَبَّ له كذا، إذا تهيَّأَ له، أو فِعَّال من أَبَّنَ الشيءَ تَأْبينًا، إذا رَقَبَه، والأول أصح".

<<  <  ج: ص:  >  >>