للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأُجيب عليهم: بأنَّ هذا قدر يسير لا تأثير له، بخلاف وقت الجذاذ، أو الحصاد، فربما كانت المدة الفارقة بينهما شهرًا، أو أكثر (١).

لذلك كان مذهب الجمهور أرجح في هذه المسألة.

قوله: (وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ كثِيرٌ، وَأَنَّهُ اكْثَرُ مِنْ الاخْتِلَافِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ قِبَلِ نُقْصَانِ الشُّهُورِ وَكمَالِهَا لَمْ يُجِزْهُ).

قوله: (وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي هَلْ شَرْط السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ جِنْسُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَوْجُودًا فِي حِينِ عَقْدِ السَّلَمِ: فَإِنَّ مَالِكًا (٢)، وَالشَّافِعِيَّ (٣)،


(١) انظر: "العزيز شرح الوجيز"؛ للرافعي (٤/ ٣٩٧)، قال فيه: "لا يجوز تأقيته بما يختلف وقته كالحصاد، والدياس، وقدوم الحاج، خلافًا لمالك؛ لأنَّ ذلك يتقدم تارةً، ويتأخر أخرى، فأشبه مجيء المطر".
(٢) انظر: "المقدمات الممهدات"؛ لأبي الوليد بن رشد (٢/ ٢٣)، وفيه قال: "والسلم في مذهب مالك وأصحابه جائز فيما ينقطع من أيدي الناس، وفيما لا ينقطع من أيديهم، إذا اشترط الأخذ فيما ينقطع من أيديهم في حين وجوده، فإن اشترط الأخذ في حين عدمه لم يجز، ومن أهل العلم من لا يجيز السلم إلَّا فيما يكون موجودًا بأيدي الناس من حين عقد السلم إلى حين حلوله، ومنهم من لا يجيز السلم إلَّا فيما يكون موجودًا بأيدي الناس ولا ينقطع في وقت من الأوقات. فمن حُجة من لا يجيز السلم إلَّا فيما يكون موجودًا من حين عقد السلم إلى حين حلول أجله، أنَّ المسلم إليه قد يموت، فيحل عليه السلم بموته، وربما كان ذلك في حين انقطاعه، فيؤول ذلك إلى الغرر، ومن حُجة من لا يجيز السلم إلَّا فيما لا ينقطع قبل حلول السلم ولا بعده، أنَّ القضاء قد يتأخر لعذر، أو لغير عذر بعد حلول الأجل حتى ينقضي الإبَّان فيرد إليه رأس ماله، أو يتأخر إلى العام المقبل - وذلك غرر، وهذا كله لا يلزم، لأنَّ العقودَ إذا صحت وسلمت من الغرر، فلا يُراعى ما يطرأ عليها بعد ذلك ممَّا لم يقصد إليه، إذ لو روعي ذلك، لما صح عقد ولا سلم بيع بوجه من الوجوه".
(٣) انظر: "البيان"؛ للعمراني (٥/ ٣٩٧)، وفيه قال: "ويجوز السلم في المعدوم إذا كان مأمون الانقطاع عند المحل، وإن كان منقطعًا حال العقد أو ما بعده، إلَّا أن يكون المسلم حالًّا .. فيعتبر وجوده حال العقد".

<<  <  ج: ص:  >  >>