للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنعه أحمد أيضًا (١)؛ لأنَّهم يرون أنَّ فيه جهالة؛ لأنَّ مدة الجذاذ (٢)، أو الحصاد تختلف كُلَّ فترة، فلا تأتي في وقت واحد، فمن النخل ما يُجذُّ في أول الشهر، ومنه ما يَظلُّ باقيًا إلى آخره، ومنه ما يكون في الشهر الثاني، وكذلك الحال في الحصاد ونحوها، وقد يختلف باختلاف المناطق، بل الثمرة الواحدة التي من نوع واحد من الرطب بعضها يستوي قبل الآخر.

قوله: (فَمَنْ رَأَى أَنَّ الاخْتِلَافَ الَّذِي يَكُونُ فِي أَمْثَالِ هَذه الْآجَالِ يَسِيرٌ أَجَازَ ذَلِكَ، إِذِ الْغَرَرُ الْيَسِيرُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فِي الشَّرْعِ، وَشَبَّهَهُ بِالاخْتِلَافِ الَّذِي يَكُونُ فِي الشُّهُورِ مِنْ قِبَلِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ).

المالكية وجهة نظرهم أنَّ هذا الاختلاف الذي يحكيه الأئمة الثلاثة يسير (٣)، وقالوا للأئمة الثلاثة: ألستم تجيزون السَّلم إلى شهر، أو شهرين؟ فالشهر قد يكون تسعة وعشرين يومًا، وربما كان ثلاثين يومًا، فالأشهر تختلف كذلك في مقدارها؛ أي: في مدتها (٤).


= برج الميزان، وبالمِهرجان وهو بكسر الميم وقت نزولها برج الحمل، وبعيد الكفار؛ كفصح النصارى، وفطير اليهود إن عرفها المسلمون، ولو عدلين منهم، أو المتعاقدان بخلاف ما إذا اختص الكفار بمعرفتها، إذ لا يُعتمد قولهم".
(١) انظر: "شرح منتهى الإرادات"؛ للبهوتي (٢/ ٩٣)، وفيه قال: " (ومن أسلم أو باع) مطلقًا، أو لمجهول (أو أجر، أو شرط الخيار مطلقًا) بأن لم يعد بغاية (أو) جعلها (ل) أجل (مجهول؛ كحصاد، وجذاذ، ونحوهما) كنزول مطر؛ لم يصح غير بيع، لفوات شرطها، ولأنَّ الحصاد ونحوه يختلف بالقرب والبعد".
(٢) "الجُذاذُ والجِذاذُ: ما تقطّعَ منه، وضمُّه أفصح من كسره". انظر: "الصحاح"؛ للجوهري (٢/ ٥٦١).
(٣) ممن ذكر هذه العلة القاضي عبد الوهاب؛ حيث قال: "يجوز السلم إلى الحصاد والجذاذ والموسم، خلافًا لأبي حنيفة والشافعي، لقوله: "إلى أجلٍ معلومٍ"؛ ولأنَّه أجلٌ معلومٌ بوقتٍ من الزمان يعرف في العادة لا يتفاوت اختلافه اختلافًا شديدًا، كما لو قال النيروز والمهرجان". انظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف"، (٢/ ٥٦٨).
(٤) لم أقف على من قال بهذا الإلزام عند المالكية.

<<  <  ج: ص:  >  >>