للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: أن التيمم طهارة كغيرها من الطهارات، فتلحق بالوضوء، أي: أن الوضوء أصلٌ، والتيمم بدل عنه، فيأخذ حكمه، فكما أن الوضوء يجوز قبل دخول الوقت وفي الوقت، فكذلك ينبغي أن يكون التيمم (١).

ثالثًا: قياسًا على إزالة النجاسة، وعلى المسح على الخُفَّين، فقالوا: إن المسح على الخفين يجوز قبل الوقت وبعده، وهو رخصة، فَكَذلك التيمم.

وَأجَاب الجمهور (٢) بأنه: فرقٌ بين الوضوء والتيمم، فالوضوء قربةٌ مقصودة، وهو أصلٌ في ذلك، فلا يلحق به التيمم؛ لأن التيمم إنما يُصَار إليه عند فقدان الماء، أو عند عدم القدرة على استعماله، فلا ينبغي أن يُعْطَى أحكام الماء جملةً وتفصيلًا.

وأما قياسُهُ على المسح على الخُفَّين، فإنَّ المسح على الخُفَّين رخصة، والرخصة إنما قُصِدَ فيها التخفيف، والتخفيف لا يُضَيَّقُ فيه، وإنما يوسع، ولذلك جَازَ قبل الوقت وبعده.

وَأمَّا إزالَة النجاسة، فلا يصحُّ القياس عليها؛ لأنَّه إنما يُقْصد بها النظافة.


= كالوضوء، ثم التوضؤ بالماء قبل دخول الوقت لتقرر سببه وهو الحدث، فكذلك التيمم".
(١) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ٧٥)، قال: "صح بنص الآية جواز التطهر بالغسل وبالوضوء وبالتيمم قبل وقت صلاة الفرض، وإنما وَجَبَ بنصِّ الآية أن لا يكون شيءٌ من ذلك إلا بنية التطهر للصلاة فقط، ولا مزيد". وانظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ٢١).
(٢) يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (١/ ٩١)، قال: " (قوله: والتيمم للصلاة قبل وقتها باطل)؛ لأنه طهارة ضرورة، ولا ضرورة قبل الوقت، وهذا بخلاف الوضوء ومسح الخف وإزالة النجاسة؛ لأن الوضوء قربة مقصودة في نفسها ترفع الحدث، ومسح الخف رخصة للتخفيف لجوازه مع القدرة على غسل الرجل، فلا يضيق باشتراط الوقت، وإزالة النجاسة طهارة رفاهية، فالتحقت بالوضوء بخلاف التيمم، فإنه ضرورة، فاختص بحالها كأكل الميتة، ولأنه لإباحة الصلاة، ولم تبح قبل الوقت. فإن قلت: التيمم بدل، وما صلح للمبدل صلح للبدل. قلنا: منتقض بالليل وبيوم العيد".

<<  <  ج: ص:  >  >>