للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّوْرِيُّ (١)، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ (٢): لَا يَجُوزُ ذَلِكَ حَتَّى يَكِيلَهُ البَائِعُ لِلْمُشْتَرِي مَرَّةً ثَانِيَةً بَعْدَ أَنْ كَالَهُ لِنَفْسِهِ بِحَضْرَةِ البَائِعِ).

فَلَا بُدَّ عند هؤلاء الأئمَّة أن يكيل المُشْتري الطعامَ بنفسه أمام البائع.

قوله: (وَحُجَّتُهُمْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَهُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَكِيلَه، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَكِيلَهُ البَائِعُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ شَرْطِ البَيْعِ الكَيْلُ، فَكَذَلِكَ القَبْضُ، وَاحْتَجُّوا بِمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ: "أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ: صَاعُ البَائِعِ، وَصَاعُ المُشْتَرِي" (٣)).

وهَذَا الحديث مرَّ بنا من قبل، وفيه كَلامٌ، لكن يُؤيِّده ويقويه الحديث الصحيح: "إذا بعتَ فَكِلْ، وإذا ابتعتَ فَاكْتَلْ" (٤)، فالبائع إذا أراد أن يبيع عليه أن يكيل بضاعته، وكذلك المشتري إذا أراد أن يشتري فعليه أن يكيل ما يشتريه.

قوله: (وَاخْتَلَفُوا إِذَا هَلَكَ الطَّعَامُ فِي يَدِ المُشْتَرِي قَبْلَ الكَيْلِ، فَاخْتَلَفَا فِي الكَيْلِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٥): القَوْلُ قَوْلُ المُشْتَرِي، وَبِهِ قَالَ أَبُو


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٣٧٨) حيث قال: "وقيل لعبد الرزاق وعبد الملك الصباح: سمعنا الثوري يقول في رجلين يتاع الطعام يكتالانه، ثم يربح صاحبه فيه ربحًا قال: لا يحل حتى يكتالاه كيلًا آخر يكتال كلُّ وَاحِدٍ نصيبه، ثم يكتال نصيبه الذي أربحه".
(٢) لم أجد قول الأوزاعي والليث، وهو منقول عن ابن المسيب والحسن البصري وعطاء والشعبي وإسحاق. يُنظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" (٦/ ٥٢)، و"المحلى"، لابن حزم (٨/ ٥٢٣).
(٣) تقدم في مسألة من بَاعَ طَعَامًا بِطَعَامٍ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَه.
(٤) أخرجه البخاري معلقًا (٣/ ٦٧)، وأحمد في "المسند" (٤٤٤)، وحسَّنه الحافظ في "الفتح" (١/ ١٨، ١٩)، والأرناؤوط في تحقيق "المسند".
(٥) ينظر: "المهذب" للشيرازي (١/ ٣٠١) حيث قال: "وَإنْ أسلم إليه في طعامٍ بالكيل، أو =

<<  <  ج: ص:  >  >>