للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْله: (هَلْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْهُ دُونَ أَنْ يَكِيلَه، وَأَنْ يَعْمَلَ فِي ذَلِكَ عَلَى تَصْدِيقِهِ؟).

فانقسم العلماء إلى قسمين: مالكٌ وأحمد أجازاه، وأبو حنيفة والشافعي منعاه.

قَوْله: (فَقَالَ مَالِكٌ (١): ذَلِكَ جَائِزٌ فِي السَّلَمِ، وَفِي البَيْعِ بِشَرْطِ النَّقْدِ، وَإِلَّا خِيفَ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الرِّبَا، كَأَنَّهُ إِنَّمَا صَدَقَهُ فِي الكَيْلِ لِمَكَانِ أَنَّهُ أَنْظَرَهُ بِالثَّمَنِ).

ونرى الإمام مالكًا - رحمه الله - يحتاط كثيرًا في تلك الأبواب، وسبق مثل ذلك في البيع، فخشية أن يكون المشتري قد طأطأ رأسه، واستسلم له؛ لأنه بحاجة إلى المبيع، فالإمام مالك يرى أن هذا مما لا يدخل في الحلال والحرام، وإنما هذا يدخل في الشُّبَهِ.

قَوْله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفةَ (٢)، وَالشَّافِعِيُّ (٣)،


(١) يُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (٦/ ٨٩) حيث قال: "إذا أخرج صاحب الطعام من طعامه الذي يعرف كيله جزافًا يسيرًا أو كيلًا يسيرًا، أو نسي حقيقته، فلا يجوز له أن يبيع الباقي جزافًا إلا أن يعلم المشتري بما علم من كيله، وبالقدر الذي يظن أنه أخرجه منه جزافًا أو كيلًا حتى يستويا جميعًا في المعرفة بقدره، فإن لم يفعل لم يجز، لأنه وإن لم يعرف حقيقة كيله، فهو عالمٌ بقدره".
ومذهب الحنابلة الجواز بدون اشتراط للنقد. قال ابن قدامة في "المغنى" (٤/ ٩٦): "وإنْ أخبره البائع بكيله، ثمَّ باعه بذلك الكيل، فالبيع صحيح، فإن قبضه باكتياله، تم البيع والقبض، وإن قبضه بغير كيل، كان بمنزلة قبضه جزافًا، فإن كان المبيع باقيًا، كاله عليه، فإن كان قدر حقه الذي أخبره به، فقد استوفاه".
(٢) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ٦٧) حيث قال: "ومن اشترى مكيلًا مكايلة أو موزونًا موازنة فاكتاله أو اتزنه ثم باعه مكايلهً أو موازنةً، لم يجز للمشتري منه أن يبيعه ولا يأكله حتى يعيد الكيل والوزن".
(٣) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٣/ ٧٣) حيث قال: " (ولو بيع الشيء تقديرًا كثوب وأرض ذرعًا) بإعجام الذال (وحنطة كيلًا أو وزنًا اشترط) في قبضه (مع النقل) في المنقول (ذرعه)، إن بيع ذرعًا بأنْ كان يذرع (أو كيله) إن بيع كيلًا بأن كان يكال (أو وزنه) إن بيع وزنًا بأن كان يوزن أو عده إن بيع عدًّا بأن كان يعد".

<<  <  ج: ص:  >  >>