للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا شك أنها منة عظيمة، وأن هذا الرسول الكريم هو خير الرسل وأفضلهم، فلما شكا إليه أمره، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهتم بأمور الناس، ولا شك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - راعٍ، وكما قال: "كلكم راعٍ، وكل راعٍ مسؤول عن رعيته" (١)، فاهتم بأمر هذا الرجل، فرسم له طريقًا مستقيمًا يخرجه من هذا الأمر، فقال له: "إذا بايعتَ فقل: لا خلابَة" (٢)، أي: لا خدعة، فإذا ذكرت هذه العبارة فخدعت، فلك الخيار، هذا الحديث متفق عليه، لكن جاء في بعض طرقه أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جعل له الخيار ثلاثًا (٣)، وفي بعض الروايات: "ثلاث ليال"، وهذه الرواية: "ثلاث ليال" لم ترد في "الصَّحيحَين"، وإنما وردت عند ابن ماجه (٤)، وعند الدارقطني (٥)، والبيهقي (٦)، وفي "تاريخ البخاري" (٧)، ولا شك أنها رواية صحيحة (٨)، فجمهور العلماء احتجوا بهذا وهو نص صريح.

قوله: (أَمَّا جَوَازُ الخِيَارِ، فَعَلَيْهِ الجُمْهُور، إِلَّا الثَّوْرِيَّ)، والثَّوْري من أتباع التابعين، وإذا أطلق الثوري فيقصد به سفيان الثوري، وهو إمام جليل ممن عاصر الإمامين مالكًا وأبا حنيفة، وهو أيضًا من علماء العراق وهو من العلماء الأعلام، لكن لم يكن له تلاميذ في الفقه، فلذا لم يحفظ فقهه في كتب خاصة كما حفظ فقه الأئمة الأربعة،


(١) أخرجه البخاري (٨٩٣)، ومسلم (١٨٢٩).
(٢) أخرجه البخاري (٢١١٧)، ومسلم (١٥٣٢).
(٣) أخرجه الدارقطني في "السنن" (٤/ ٦)، وضعفه ابن حجر في "الدراية" (٢/ ١٤٨).
(٤) أخرجه ابن ماجه (٢٣٥٥).
(٥) أخرجه الدارقطني (٤/ ٩).
(٦) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٥/ ٢٧١).
(٧) أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (٨/ ١٧).
(٨) يُنظر: "التلخيص الحبير" لابن حجر (٣/ ٥٠) حيث قال: "وهذه الروايات كلها في كتب الفقه، وليس في كتب الحديث المشهورة سوى قوله: "لا خلابة". انتهى. وأما قوله: "ولك الخيار ثلاثة أيام" … فيه ابن لهيعة … وأما رواية الاشتراط: فقال ابن الصلاح: منكرة لا أصل لها، انتهى".

<<  <  ج: ص:  >  >>