للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَأَمَّا المَسْأَلَة الخَامِسَة، وَهِيَ: هَلْ يُورَثُ خِيَارُ المَبِيعِ أَمْ لَا؟).

وهذه قضية مهمة جدًّا، قضية الخيار، وليس هذا في الخيار وحده، في القصاص، وكذلك في المكاتب والطلاق إذا وكل، والرد بالعيب إلى غير ذلك.

وفي هذه المسألة سترون أن كل فريق من العلماء يحاول أن ينقض قول الآخر بمسائلَ أخرى وافق فيها المخالف، يعني يقول: أنت وافقتني في كذا، وفي كذا، فلماذا تفرق بين ذا وذا، لأنه يسلم له في بعض المسائل، والآخر يأتي ويقول أيضًا: أنت وافقتني في كذا، فلماذا تخالف في هذا؟

قوله: (فَإِنَّ مَالِكًا (١)، وَالشَّافِعِيَّ (٢)، وَأَصْحَابَهُمَا قَالُوا: يُورَث، وَأنَّهُ إِذَا مَاتَ صَاحِبُ الحيَارِ فَلِوَرَثَتِهِ مِنَ الخِيَارِ مِثْلُ مَا كَانَ لَهُ).

مَالكٌ والشافعيُّ وأصحابهما يرون أن خيار الشرط يورث، فإذا ما حصل اتفاق بين اثنين (بائع ومشتَرٍ) على شراء سلعة، ووضعا حدًّا للخيار، فَمَات أَحدُهُما، فهل ينتقل الخيار إلى الورثة بمعنى: هل يورث كما تورث الأموال؟ أو بعبارةٍ أخرى: هل هناك فرقٌ بين الحقوق وبين الأموال؟ لأن هذَا حقٌّ لصَاحب الخيار، نحن نعلم بأنهم يرثون الأموال، وهناك أيضًا أنواع من الحقوق تورث كالقصاص، لكن هل هذا يورث أو لا؟ أما ما يتعلَّق بالأموال فمُسلَّمٌ أنها تورث، وما يتعلق بالحقوق هي محل خِلَافٍ، ولذلك اختلف العلماء.


(١) يُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (٤/ ٤٢١) حيث قال: "قال مالك: الخيار يورث عن الميت؛ لأنه حق له".
(٢) يُنظر: "روضة الطالبين" للنووي (٣/ ٤٤١) حيث قال: "لو مات أحدهما في المجلس، نص أن الخيار لوارثه. وقال في المكاتب: إذا باع ومات في المجلس، وجب البيع. وللأصحاب ثلاث طرق، أصحُّها في المسألتين قولان، أظهرهما: يثبت الخيار للوارث والسيد، كخيار الشرط والعيب".

<<  <  ج: ص:  >  >>