للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإقَالَة يعني: الإقَالة من المَبيع.

قوله: (فَقَالَ: لَا يُورَثَانِ (١)، وَعُمْدَةُ المَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الأَصْلَ هُوَ أَنْ تُوَرَّثَ الحُقُوقُ وَالأَمْوَالُ إِلَّا مَا قَامَ دَلِيل عَلَى مُفَارَقَةِ الحَقِّ فِي هَذَا المَعْنَى لِلْمَالِ):

فَالأَصْلُ عندهم أن الأموالَ والحقوقَ تورث إلا ما استثناه الدليل، وأحيانًا تجد المخالف - والبَعْض يسميه الخصم - يحتج على المخالف بدليله، فيأتي الآخر فيقول: الأصل في الأموال أنها تورث، والأصل في الحقوق ألَّا تورث إلَّا ما دلَّ الدَّليل، فإن كنتم تدَّعون ذلك، فائتوا ببرهانكم، إذًا المخالف يحتجُّ، وهكذا كُلَّما كانت المسائلُ خاليةً من نصٍّ من كتابٍ أو سُنَّةٍ، تشعبت فيها الآراء، وتعددت وَتَنوَّعت، وكثر الخلاف، وتَعدَّدت وجهات النظر، وكلٌّ ينتهي إلى ما ينتهي إليه فهمه، وإذا كان هذا يَحْصل بين علماء الأمة الذين وَهَبهم الله سُبْحانه وتعالى تقوًى وهدًى وصلاحًا ورسوخًا في العلم وتمكينًا منه، وإذا كان هؤلاء يقولون بعض الأقوال، ويخطئون فيها وهم مجتهدون، فما بالكم فيمن يضعون الأحكامَ والقوانينَ وهُمْ أبعد ما يَكُونُون عن هذا الدين؟ لا شك أنَّهم على الخطإ أقرب من الثواب، ولذلك ترى أن أقْوَالهم تختلف بين فترةٍ وفترةٍ وتتنوع، فترى أن هذا الحكمَ عندهم في القمة، فإذا ما طبق وجرب ظهر خللُه، وتبينت شناعته، فعدل عنه، وبحث عن حكمٍ آخَرَ، أمَّا أحكام هذه الشريعة، فإنها جَاءَتْ منتظمةً، لا تزيغ، ولا تنحرف عن طريق الهداية؛ لأنَّ هذا هو طريق الله.


(١) يُنظر: "البيان" للعمراني (٧/ ١٦١) حيث قال: "فقولنا: (ثابت) احتراز من خيار القبول، وخيار الإقالة؛ وهو أن البائع لو قال لرجلٍ: بعتك، فقبل أن يقول المشتري: قبلت، مات. أو قال أحد المتبايعين للآخر: أقلتك، فقبل أن يقول: قبلت، مات، لم ينتقل ذلك إلى وارثه".

<<  <  ج: ص:  >  >>