للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للمالكية والشافعية، فَجعلوها حُجَّةً عليهم، وهناك العكس قضَايا أو حقوق يسلم فيها المالكية والحنفية والشافعية للحنابلة، والحقيقة أنَّ كل مسألة ينبغي أن تدرس بنفسها، فنعرف: هل هذا الحق ورد فيه نصٌّ أو لم يرد فيه نصٌّ؟ هل هناك حجَّةٌ قويَّةٌ أو تعليلٌ قويٌّ يعتمد عليه فننظر إليه؟ فالحكمُ على الشيء فرعٌ عن تصوُّره، ولا بد من دراسة كلِّ مَسْألةٍ على حِدَةٍ.

قوله: (فَالمَالِكِيَّةُ (١)، وَالشَّافِعِيَّةُ (٢): تَحْتَجُّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ (٣) بِتَسْلِيمِهِ وِرَاثَةَ خِيَارِ الرَّدِّ بِالعَيْبِ، وَيُشَبِّهُ سَائِرَ الخِيَارَاتِ الَّتِي يُوَرِّثُهَا بِهِ. وَالحَنَفِيَّةُ تَحْتَجُّ أَيْضًا عَلَى المَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ بِمَا تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَرُومُ أَنْ يُعْطِيَ فَارِقًا فِيمَا يَخْتَلِفُ فِيهِ قَوْلُهُ وَمُشَابِهًا فِيمَا يَتَّفِقُ فِيهِ قَوْلُه، وَيرُومُ فِي قَوْلِ خَصْمِهِ بِالضِّدِّ (أَعْنِي: أَنْ يُعْطِيَ فَارِقًا فِيمَا يَضَعُهُ الخَصْمُ مُتَّفِقًا، وَيُعْطِي اتِّفَاقًا فِيمَا يَضَعُهُ الخَصْمُ مُتَبَايِنًا)، مِثْلُ مَا تَقُولُ المَالِكِيَّةُ: إِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ خِيَارَ الأَبِ فِي رَدِّ هِبَتِهِ لَا يُوَرَّث، لِأَنَّ ذَلِكَ خِيَارٌ رَاجِعٌ إِلَى صِفَةٍ فِي الأَبِ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ، وَهِيَ الأُبُوَّةُ).

(يَرُومُ)، أيْ: يقصد، لأنه يوجد فَارقٌ بين ما قَالَه وما قالَه غيره، ويقيم الحُجَّة على مخالفِهِ بأشياء مما سلم بها المخالف، فهذا تسليمٌ من المالكية والشافعية فهم يقولون بأن الحقوقَ لا تورث، فهنا سلموا بعكس ذلك، لماذا سلموا؟ لأن هذا فيه دليلٌ أشرت إليه فيما مضى.

قوله: (فَوَجَبَ أَلَّا تُوَرَّثَ لَا إِلَى صِفَةٍ فِي العَقْدِ، وَهَذَا هُوَ سَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي خِيَارٍ خِيَارٍ).

كأنه يقول: الخيارات تختلف، فمنها ما يورث، ومنها ما لا يورث،


(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>