للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد رأينا أنَّ منها ما هو موضع اتفاق، ومنها ما هو موضع خلاف.

قوله: (أَعْنِي: أَنَّهُ مَنِ انْقَدَحَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَنَّهُ صِفَةٌ لِلْعَقْدِ وَرَّثَه، وَمَنِ انْقَدَحَ لَهُ أَنَّهُ صِفَةٌ خَاصَّةٌ بِذِي الخِيَارِ لَمْ يُوَرِّثْهُ).

مَنْ ظهر عنده واستقر في ذهنه أن هذا خاص بصاحب العقد، فإنه حِينَئذٍ لا يورثه، لأنها تكون خاصية له، ومَنْ رأى أن ذلك وصف خاصٌّ متعلقٌ بالعقد نفسه، فإنه في هذه الحالة يورث لصاحب العقد كما تَرَون في الهبة، فالأَبُ له أن يستردَّ الهبة التي وَهَبها لابنه، وهذا كما قلنا فيما مضى "أنتَ ومالك لأبيك" (١)، "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه"، وفي قصة أبي بكرٍ - رضي الله عنه - عندما أهدى إلى ابنته عائشة تلكم الحديقة، فإنَّه ردَّها - رضي الله عنه -، والقصَّة في ذلك معروفةٌ، وذكر العلة، وقد سَبَق أن أشرتُ إلى ذلك.

قوله: (وَأَمَّا المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَهِيَ مَنْ يَصِحُّ خِيَارُهُ؟، فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى صِحَّةِ خِيَارِ المُتَبَايِعَيْنِ) (٢).

من المَسَائل الكُبْرى ومن أُمَّهات هذا الباب هي الَّتي سيذكرها فيما يتعلق بالخيار للأجنبي.


(١) تقدم.
(٢) إن كان يعني بهذا خيار المجلس للمتبايعين؛ فليس في هذا اتفاق، بل فيه خلافٌ، وإنْ كان أكثر القول بصحته وجوازه هو قول أكثر أهل العلم.
قال ابن قدامة في "المغني" (٣/ ٤٨٢): " (والمتبايعان كل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما) في هذه المسألة ثلاثة فصول، أحدها: أن البيع يقع جائزًا، ولكلٍّ من المتبايعين الخيار في فسخ البيع ما داما مجتمعين لم يتفرقا، وهو قول أكثر أهل العلم، يُرْوَى ذلك عن عمر، وابن عمر، وابن عباس، وأبي هُرَيرة، وأبي برزة، وبه قال سعيد بن المسيب، وشريح، والشعبي، وعطاء، وطاوس، والزهري والأوزاعي، وابن أبي ذئب، والشافعي، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور. وقال مالك وأصحاب الرأي: يلزم العقد بالإيجاب والقبول، ولا خيارَ لهما؛ لأنه روي عن عمر - رضي الله عنه -: البيع صفقة أو خيار، ولأنه عقد معاوضة، فلزم بمجرده، كالنكاح والخلع".

<<  <  ج: ص:  >  >>