الركن الأوَّل: العاقدان، وهذا يقع في البيع والإجارة، وفي غير ذلك من العقود.
الركن الثاني: إيجاب وقبول، فلا بد في المبيع من إيجاب وقبول، وقد سبق أن أشرنا إليها فيما يتعلق بالمعاطاة، هل تعتبر بيعًا، وهل تجوز؟ وَبَينَّا أنَّ ذلك صَحيحٌ، وأن الشافعية ينازعون في ذلك، وأن القولَ الحقَّ هو قول الذين قالوا بأنَّ المعاطاة ثابتة، وهذا ما يسير عليه المسلمون، ولذلك لو قيل بعَدَم صحَّة بيع المعاطاة (١)، لقيل بفسادِ كثيرٍ من العقود، ولَتحرَّج المسلمون في ذلك، وهذا معروفٌ منذ زمن السلف إلى يومنا هذا، فإن الناس يتبايعون بالمعاطاة، تعطيه الثمن ويأخذ السلعة، وليس شرطًا أن يقول البائع: بِعْتُكَ هذه السلعة، ويقول المشتري: قَبِلْتُ.
الرُّكن الثالث: معقود عليه، وهذا المعقود عليه هي السلعة.
وَالآنَ سَيَنقل حكم ذلك إلى غيرهما، وَسَيَرد على العقد إنسانٌ خارجٌ عن صاحبي العقد، فَهَذا هو الذي يُسمَّى أجنبيًّا، فالبائع والمشتري هما صاحبا العقد، فإذا وكل البائع رجلًا آخر، فنُسمِّي ذلك أجنبيًّا؛ لأنه واردٌ على العقد، وليسَ هو الناظر فيه أصلًا إذا هو دخل بعد ذلك، أو كذلك المشتري لو وكل أيضًا غيره، فإنَّ هذا يعتبر أجنبيًّا.
إذًا، مُرَاد المؤلف أو مصطلحه في الأجنبي يريد به الوكيل، فإذا تبايع اثنان ووكل أحدهما الخيار إلى الآخر، فهذا الذي وكل إليه الخيار غير صاحبي العقد الأصليين يسمى أجنبيًّا، وسيأتي تعليل ذلك وبيانه في الخلاف في هذه المسألة.
(١) "المعاطاة": المناولة، وصورته أن يقول: أعطني بهذا الدينار خبزًا، فيعطيه ما يرضيه، أو يقول: خذ هذا الثوب بدينارٍ، فيأخذه. يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٣/ ٤٨١).