للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الحنابلة، وفيه تفصيل (١)، لكن ليس هذا مجال الحديث كما قلنا كثيرًا، لن ندخل في تفصيلات المذاهب، فهل يصح الخيار لأجنبي؟ عرفنا أنه يثبت للمتعاقدين، فهل لأحد المتعاقدين أن ينقل الخيار لأجنبي أو الوكيل؟ الجمهور (الأئمة الثلاثة) وهي رواية للإمام الشافعي قالوا بجواز ذلك، والرواية الأخرى للإمام الشافعي (٢) قال: لا يجوز ذلك، والعلة معروفة ذكَرها بعض العلماء، فقالوا: لأن الشرع إنما أثبت الخيار لتحصيل ما ينفع المتعاقدين.

ووجهة الذين منعوا ذلك - وهي رواية أخرى عن الشافعية: لا يجوز - لأن الخيار إنما شرع لتحصيل المنفعة للمتعاقدين بنظرهما، فيثبت للمتعاقدين ولا يثبت لغيرهما لمن يقوم مقامهما، وأما جمهور العلماء، فقالوا: هذا تعليل غير مسلم؛ لأن هذا الوكيل نزل منزلة صاحب العقد، وأخذ حكمه، والوكالة ثابتة شرعًا في أحكامٍ كثيرةٍ في المعاملات كما هو معلوم، بل أيضًا يدخل ذلك في الطلاق، وفي النكاح، وفي غير ذلك، فإن كان هناك مَنْ يدخل النكاح في المعاملات، وهناك مَنْ يجعله قسمًا مستقلًّا في الفقه، فجمهور العلماء قالوا: ذلك ثابت ما دام أن الخيار قد ثبت للعاقدين، إذًا هو كذلك يثبت للوكيل؛ لأن الوكيل بديل ونائب عن الأصل، فيأخذ حكمه.

قالوا: وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي أخرجه


(١) يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (٤/ ٣٧٦) حيث قال: "يجوز أن يشترط الخيار لهما ولأحدهما ولغيرهما، لكن إذا شرطه لغيره، فتارةً يقول: له الخيار دوني، وتارةً يقول: الخيار لي وله، وتارةً يجعل الخيار له، ويُطْلق. فإنْ قال: له الخيار دوني، فالصحيح من المذهب أنه لا يصح، وعليه أكثر الأصحاب، وجزم به في "الكافي"، و"التلخيص"، و"المحرر"، و"النظم"، و"الرعايتين" و"الحاويين"، و"المنور"، و"منتخب الأزجي"، و"الفائق"، و"تجريد العناية"، وغيرهم، وقَدَّمه في "الفروع" وغيره، واختاره القاضي وغيره، وظاهر كلام الإمام أحمد صحته، واختاره المصنف".
(٢) تقدم قوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>