للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكنَّ أبا حنيفة قيَّده بمدَّة الخيار، والإمام أحمد (١) يرى أنه إذا أزيل (أي: أبطل الخيار الفاسد وزال)، صح العقد.

قوله: (فَأَصْلُ الخِلَافِ: هَلِ الفَسَادُ الوَاقِعُ فِي البَيْعِ مِنْ قِبَلِ الشَّرْطِ يَتَعَدَّى إِلَى العَقْدِ أَمْ لَا يَتَعَدَّى، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الشَّرْطِ فَقَطْ؟ فَمَنْ قَالَ: يَتَعَدَّى: أَبْطَلَ البَيْعَ، وَإِنْ أَسْقَطَهُ. وَمَنْ قَالَ: لَا يَتَعَدَّى: قَالَ: البَيْعُ يَصِحُّ إِذَا أُسْقِطَ الشَّرطُ الفَاسِدُ).

والأظهرُ أنه لا يتعدى؛ لأنه قد طرح، والأصل في البيع أنه صحيح، لَكن إدخال هذا الخيار عليه أو هذه الجهالة أَلْغَته، لكن أحيانًا وجود الغرر يفسد العقد.

قوله: (لِأَنَّهُ يَبْقَى العَقْدُ صَحِيحًا).

وفي "صحيح مسلم" قصة الرجل الذي كان معه قلادة يوم خيبر، فباعها بدنانير، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمنع ذلك، قال: "لا، حتى تفصل" (٢)، ففصلت فوجد ما فيها من الذهب أكثر من الثمن الذي اشتريت به، فهذا فيه غبن وضرر، ووجود الجهالة أو الغور يؤثر على المعاملة، لكن لو كان يسيرًا، فإنه معفوٌّ عنه؛ لأن كثيرًا من المعاملات لا تخلو من شْيءٍ من ذلك، وإذا وجد غرر بَيِّن، فإن هذا الغرر يرفع ويمنع.


(١) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٢٠٢) حيث قال: " (ولا يصحُّ الخيار مجهولًا لها مثل أن يشترطاه أبدًا أو مدةً مجهولة) بأن قالا: مدة أو زمنًا، أو مدة نزول المطر ونحوه (أو) أجلاه (أجلًا مجهولًا كقوله: بعتك ولك الخيار (متى شئت أو شاء زيدٌ أو قدم) زيد (أو هبت الريح، أو نزل المطر، أو قال أَحدُهُما: لي الخيار ولم يذكر مدته، أو شرطا خيارًا ولم يعينا مدته، أو) شرطاه (إلى الحصاد أو الجذاذ) ونحوه (فيلغو) الشرط (ويصح البيع) مع فساد الشرط".
(٢) تقدم في مسألة بيوع الآجال، والحديث أخرجه مسلم (١٥٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>