للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشْتَرَى بِهِ السِّلْعَةَ فَقَطْ إِلَّا أَنْ يَفْصِلَ وَيَفْسَخَ عِنْدَهُ إِنْ وَقَعَ قَالَ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ: ثَمَنُ سِلْعَتِي كَذَا وَكَذَا، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَهُوَ عِنْدَهُ مِنْ بَابِ الْغِشِّ).

قوله: (إلا أن يفصل) كأن في الكلام حذف شيء مقدر، أي: (إلا أن يفصل، فإن فصل وبين فله ذلك، وإن لم يفصل يفسخ البيع)؛ لأنه دلس على المشتري، هذا هو كلام أبي ثور رَحِمه الله.

قوله: (وَيَفْسَخَ عِنْدَهُ إِنْ وَقَعَ قَالَ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ): وفي الحديث: "من غشنا فليس منا" (١) والبائع هنا قد كذب وخان المشتري وغطى عليه أمرًا كان ينبغي له أن يبينه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما" (٢).

إذن مذهب أبي ثور قريب من مذهب الحنابلة من حيث طلب التفصيل، فلا يكفي عنده في تلك الزيادات التي أضيفت إلى السلعة سواء كانت متصلة أو غير متصلة أن يقول: أنفقت عليها زيادةً على الألف مائتين أو على العشرة آلاف ألفًا، بل لا بد من التفصيل، فيبين أن حمولة السيارة كذا، وأجرة العمال كذا، وهكذا، إلا أن الحنابلة لا فسخ عندهم؛ لأنهم لا يرون شيئًا من هذا فيه فسخ إلا في صور نادرة في المرابحة.

وذهب الحنابلة (٣) إلى أن ما يلحق بالسلعة لا يخلو من أمرين: إما أن تكون زيادة وإما أن تكون نقصًا.


= ولا يقل: اشتريته بكذا وكذا فيكون، فإن باعه على أنه اشتراه بكذا وقد حمل عليه ما أنفق فالبيع مفسوخ، وإن استهلك المشتري المتاع كان عليه القيمة ويرجع بالثمن".
(١) أخرجه مسلم (١٠١).
(٢) أخرجه البخاري (٢٠٧٩) (٢٠٨٢) ومسلم (١٥٣٢) ولفظه: عن حكيم بن حزام قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا - أو قال: حتى يتفرقا - فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما".
(٣) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٢٣٣) قال: (وإذا أراد البائع الإخبار بثمن السلعة وكانت) السلعة (بحالها لم تتغير) بزيادة ولا نقص (أو) كانت (زادت زيادة متصلة=

<<  <  ج: ص:  >  >>