للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَكَذَلِكَ إِنِ اشْتَرَاهَا بِدَرَاهِمَ ثُمَّ بَاعَهَا … ) أما إذا لم يتغير الصرف فلا إشكال، وإنما يحصل الإشكال إذا تغير الصرف، وهنا لم يبين، لأنه يريد أن يربح أكثر.

قوله: (وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِيمَنِ ابْتَاعَ سِلْعَةً بِعُرُوضٍ: هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً أَمْ لَا يَجُوزُ؟ فَإِذَا قُلْنَا بِالْجَوَازِ فَهَلْ يَجُوزُ بِقِيمَةِ الْعَرَضِ، أَوْ بِالْعَرَضِ نَفْسِهِ؟ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ (١): يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا عَلَى مَا اشْتَرَاهُ بِهِ مِنَ الْعُرُوضِ، وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْقِيمَةِ).

يعني: إذا باعها بعرض فالعرض ينبغي أن يكون مساويًا، وقد تقدم في شروط المرابحه ألا يكون المال ربويًّا، فمثلًا قمحٌ يبيعه بقمح؛ لا يجوز؛ لأنه سيربح، والربح هنا سيجر إلى الربا، والربا ممنوع؛ إذ لا بد في الأموال الربوية المتجانسة من التماثل. وإلى هذا ذهب ابن القاسم من المالكية، وهو قول لبعض الفقهاء أيضًا (٢).

قوله: (وَقَالَ أَشْهَبُ (٣): لَا يَجُوزُ لِمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِشَيْءٍ مِنَ


(١) يُنظر: "النوادر والزيادات" لابن أبي زيد (٦/ ٣٥٨) قال: "قال ابن عبدوس، عن ابن القاسم فيمن ابتاع ثوبين جنسًا واحدا، وصفة واحدة بعشرين درهمًا، فباع أحدهما مرابحة ولم يبين، فللمبتاع رده، وليس للبائع أن يلزمه إياه بحصته بالقيمة من الثمن بحجة المبتاع أن الجملة يرغب فيها، فيزاد في ثمنها".
(٢) قول للحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ٢٢١) قال: "وإن كان مما لا مثل له من العروض لا يجوز بيعه مرابحة ولا تولية ممن ليس ذلك العرض في ملكه؛ لأن المرابحة بيع بمثل الثمن الأول وكذلك التولية، فإذا لم يكن الثمن الأول مثل جنسه فإما أن يقع البيع على غير ذلك العرض، وإما أن يقع على قيمته، وعينه ليس في ملكه وقيمته مجهولة تعرف بالحزر والظن لاختلاف أهل التقويم فيها، ويجوز بيعه تولية ممن العرض في ملكه ويده".
(٣) يُنظر: "المدونة" للإمام مالك (٣/ ٢٤٣) قال: "وقال أشهب: لا يجوز؛ لأنه بيع ما ليس عنده فلا يجوز ذلك، ألا ترى أن البائع باع سلعته بطعام أو بعرض وليس الطعام ولا العرض عند المشتري فصار البائع كأنه اشترى من المشتري بسلعته ما ليس عند المشتري فصار كأنه باع ما ليس عنده؟ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>