للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعُرُوضِ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً؛ لِأَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِعُرُوضٍ عَلَى صِفَةِ عَرَضِهِ، وَفي الْغَالِبِ لَيْسَ يَكُونُ عِنْدَه، فَهُوَ مِنْ بَابِ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ).

أي: يطالب البائع المشتري بنفس العرض وقد لا يكون عنده فكأنه باع ما لم يملك، فالمسألة هنا فيها شبهة، لكن الفقهاء يحتاطون في هذا الأمر، فقد يبيعه عرضًا بعرض، أما بالنسبة للنقدين فلا يرد هذا الاحتمال.

قوله: (وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِدَنَانِيرَ فَأَخَذَ فِي الدَّنَانِيرِ عُرُوضًا، أَوْ دَرَاهِمَ؛ هَلْ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا مُرَابَحَةً دُونَ أَنْ يَعْلَمَ بِمَا نَقَدَ أَمْ لَا يَجُوزُ؟ فَقَالَ مَالِكٌ (١): لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ مَا نَقَدَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢): يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْهُ مُرَابَحَةً عَلَى الدَّنَانِيرِ الَّتِي ابْتَاعَ بِهَا السِّلْعَةَ دُونَ الْعُرُوضِ الَّتِي أَعْطَى فِيهَا أَوِ الدَّرَاهِمِ، قَالَ مَالِكٌ - أَيْضًا - فِيمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِأَجَلٍ فَبَاعَهَا مُرَابَحَةً: إنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يُعْلِمَ بِالْأَجَلِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنْ وَقَعَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي مِثْلُ أَجْلِهِ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: هُوَ كَالْعَيْبِ وَلَهُ الرَّدُّ بِهِ).


(١) يُنظر: "المدونة" للإمام مالك (٣/ ٢٤٢) قال: "فيمن ابتاع سلعة بثمن فنقد فيها غير ذلك الثمن ثم باعها مرابحة قلت: أرأيت لو أني بعت سلعة بألف درهم فأخذت بالألف مائة دينار، هل يجوز في قول مالك له ذلك؟
قال: نعم ذلك جائز. قلت: فإن أراد أن يبيعها مرابحة، أيجوز له في قول مالك أم لا؟ قال: ذلك جائز له أن يبيع مرابحة إذا بين له بما اشتراها به وبما نقد".
(٢) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ٢٢٠) قال: "وأما شرائطه (فمنها) ما ذكرنا وهو أن يكون الثمن الأول معلومًا للمشتري الثاني؛ لأن المرابحة بيع بالثمن الأول مع زيادة ربح، والعلم بالثمن الأول شرط صحة البياعات كلها لما ذكرنا فيما تقدم، فإن لم يكن معلومًا له، فالبيع فاسد إلى أن يعلم في المجلس، فيختار إن شاء فيجوز أو يترك فيبطل، أما الفساد للحال فلجهالة الثمن؛ لأن الثمن للحال مجهول. وأما الخيار فللخلل في الرضا".

<<  <  ج: ص:  >  >>