للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد يجتمع الكذب والغش فيكذب في السلعة، كأن يقول: اشتريتها بكذا، ويضيف إلى ذلك الغشَّ، والتدليس وهو تغطية بعض العيوب الموجودة بالسلعة.

وهذه كلها لا ينبغي أن تصدر من مسلم، فالمسلم ينبغي أن يكون صادقًا دائمًا، ولذا لما سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أيكون المؤمن جبانًا؟ قال: "نعم". فقيل: أيكون المؤمن بخيلًا؟ قال: "نعم". فقيل: أيكون المؤمن كذابًا؟ قال؟ "لا" (١)؛ لأن الكذب من صفات المنافقين وليس من صفات المؤمنين.

قوله: (وَأَصْلُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمٍ (٢) فِيهَا أَنَّهُ يَأْخُذُ بِالَّذِي بَقِيَ حُكْمُهُ إِنْ كَانَ فَاتَ بِحُكْمِ أَحَدِهِمَا، أو بِالّذِي بَقِيَ حُكْمُه، أَوْ بِالَّذِي هُوَ أَرْجَحُ لَهُ إِنْ لَمْ يَفُتْ حُكْمُ أَحَدِهِمَا، إِمَّا عَلَى التَّخْيِيرِ حَيْثُ يُمْكِنُ التَّخْيِير، أَوِ الْجَمْعِ حَيْثُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ، وَتَفْصِيلُ هَذَا لَائِقٌ بِكُتُبِ الْفُرُوعِ (أَعْنِي: مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ).

هذا التفصيل لائق بكتب الفروع، والمؤلف يرى أن كتابه ليس كتاب فروع، وإنما هو كتاب قواعد وأصول، وهذا هو رأي كثير من العلماء فيه.

ولا نعني بالأصول هنا الأصول الفقهية ولا أصول الدين، ولكنها الأصول بالنسبة لمسائل الفقه، فهناك مسائل كبرى تتفرع عنها مسائل صغرى، فجمع المؤلف في هذا الكتاب أمهات المسائل التي تندرج تحتها فروع وجزئيات كثيرة.

وقد نص المؤلف رَحِمه الله في (كتاب القذف) - كما سيأتي - على أنه إذا أنسأ الله في عمره فسيكتب كتابًا في فروع مذهب مالك، إذن هو لم يضع هذا الكتاب في الفروع وإنما وضعه في أصول المسائل، وهذا واضح بيِّن، حتى إنه أحيانًا يأتي بالمسألة فتجد أنها قاعدة فقهية.


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٩٩٠) (١٩) وإسناده صحيح إلا أنه مرسل أو معضل.
انظر: "حاشية المسند" (٣٦/ ٥٠٥).
(٢) لم أقف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>