للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَبْتَاعُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا (١) وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُ نَقْدِ التَّمْرِ، لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً).

قوله: (وقد احتج لمذهبه) يعني الشافعي رَحِمه الله وهذا الحديث الذي احتج به رواه رَحِمه الله في كتابه "الأم" (٢) وهو كتاب كتبه بقلمه كـ"الرسالة" في أصول الفقه، وكذلك ذكره في كتابه "مختلف الحديث" (٣) معلقًا بدون سند.

وسبق أن مذهب الشافعي رَحِمه الله هو أوسع المذاهب في هذه المسألة، وأن شراء العارية ليس مقصورًا على المعري كما يقوله المالكية، بل يجوز لكل إنسان أن يشتريها.

وهل هذه العارية خاصة بالعاجز عن شرائها بالثمن أو لا؟ هذه مسألة مختلف فيها.

قوله: (وَإنَّمَا لَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُ نَقْدِ التَّمْرِ، لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً) فاشترط الإمام الشافعي وكذا الإمام أحمد أن يكون ذلك تقابضًا، فلا يجوز التأخير؛ لأنه بيع طعام بطعام، وبيع الطعام بالطعام لا بد فيه من أمرين: التساوي والتقابض، لكن إذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم


(١) أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (٨/ ١٠٠).
(٢) يُنظر: "الأم" للشافعي (٣/ ٥٤). قال: " (قال الشافعي): وقيل لمحمود بن لبيد أو قال محمود بن لبيد لرجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إما زيد بن ثابت وإما غيره: ما عراياكم هذه؟ قال فلان وفلان وسمى رجالًا محتاجين من الأنصار شكوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يتبايعون به رطبًا يأكلونه مع الناس وعندهم فضول من قوتهم من التمر؛ فرخص لهم أن يتبايعوا العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم يأكلونها رطبًا".
(٣) يُنظر: "اختلاف الحديث" للشافعي (٨/ ٦٦٣) قال: "والعرايا التي أرخص رسول الله فيها فيما ذكر محمود بن لبيد قال: سألت زيد بن ثابت فقلت: ما عراياكم هذه التي تحلونها؟ فقال: فلان وأصحابه شكوا إلى رسول الله أن الرطب يحضر وليس عندهم ذهب ولا ورق يشترون بها، وعندهم فضل تمر من قوت سنتهم، فأرخص لهم رسول الله أن يشتروا العرايا بخرصها من التمر يأكلونها رطبًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>