للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا كان يدًا بيد (١) كما دل عليه الحديث.

وأما أبو حنيفة فقد سبق أنه لا يرى العارية، وإنما رآها نوعًا من الإهداء.

قوله: (وَأَمَّا أَحْمَدُ: فَحُجَّتُهُ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا وَلَمْ يَخُصَّ الْمُعَرِّيَ مِنْ غَيْرِهِ).

(المعري) هو الذي نسميه المهدي على مذهب المالكية، يعني: الذي دفع الرطب لصاحب البستان - أي: صاحب النخل - و (المعرى) هو هذا الذي استفاد.

قوله: (وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ: فَلَمَّا لَمْ تَجُزْ عِنْدَهُ الْمُزَابَنَةُ (٢)، وَكَانَتْ إِنْ جُعِلَتْ بَيْعًا نَوْعًا مِنَ الْمُزَابَنَةِ رَأَى أَنَّ انْصِرَافَهَا إِلَى الْمُعَرِّي لَيْسَ هُوَ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ رُجُوعِ الْوَاهِب فِيمَا وَهَبَ بِإعْطَاءِ خَرْصِهَا تَمْرًا، أَوْ تَسْمِيَتِهِ إِيَّاهَا بَيْعًا عِنْدَهُ مَجَازٌ (٣)).


(١) أخرجه مسلم (١٥٨٧/ ٨١) عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، سواءً بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدًا بيد".
(٢) يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي و"حاشية ابن عابدين" (٥/ ٦٥) قال: " (والمزابنة) هي بيع الرطب على النخل بتمر مقطوع مثل كيله تقديرًا شروح مجمع، ومثله العنب بالزبيب عناية للنهي ولشبهة الربا. قال المصنف: فلو لم يكن رطبًا جاز لاختلاف الجنس".
(٣) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ١٩٤) قال: "وتفسير العرية - عندنا - ما ذكره مالك بن أنس - رضي الله عنه - في الموطإ، وهو أن يكون لرجل نخيل فيعطي رجلًا منها ثمرة نخلة أو نخلتين يلقطهما لعياله، ثم يثقل عليه دخوله حائطه، فيسأله أن يتجاوز له عنها على أن يعطيه بمكيلتها تمرًا عند إصرام النخل - وذلك ما لا بأس به عندنا؛ لأنه لا بيع هناك، بل التمر كله لصاحب النخل، فإن شاء سلم له ثمر النخل وإن شاء أعطاه بمكيلتها من التمر، إلا أن الراوي سماه بيعًا لتصوره بصور البيع، لا أن يكون بيعًا حقيقة، بل هو عطية".

<<  <  ج: ص:  >  >>