للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّرْعُ عَنْهُ، وَفِي كُلِّ هَذِهِ مَسَائِلُ اتَّفَقُوا عَلَيْهَا، وَاخْتَلَفُوا فِيهَا، فَمَا اجْتَمَعُوا عَلَى إِبْطَالِ إِجَارَتِهِ: كُلُّ مَنْفَعَةٍ كَانَتْ لِشَيْءٍ مُحَرَّمِ العَيْنِ).

نهى الشرع عن المحرمات كالميتة والدم ولحم الخنزير (١)، وكذلك الخمر، فلا يجوز عصرها، ولا حملها، ولا بيعها، وقد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شاربها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه (٢).

قوله: (كَذَلِكَ كلُّ مَنْفَعَةٍ كَانَتْ مُحَرَّمَةً بِالشَّرْعِ مِثْلُ أَجْرِ النَّوَائِحِ، وَأَجْرِ المُغَنِّيَاتِ) (٣).

(أَجْرِ النَّوَائِحِ): النوائح: مَنْ يؤتى بهن للبكاء والصريخ على


(١) أخرجه البخاري (٢٢٣٦)، ومسلم (١٥٨١/ ٧١) ولفظه: عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، أنه: سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول عام الفتح وهو بمكة: "إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام"، فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنها يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: "لا، هو حرام"، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك: "قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم شحومها جملوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه".
(٢) أخرجه أبو داود (٣٦٧٤) وغيره، ولفظه: "لعَن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه"، وَصحَّحه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (٢٣٨٥).
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" للمرغيناني (٣/ ٢٣٨)، قال: "ولا يَجُوز الاستئجار على الغناء والنوح، وكذا سائر الملاهي"؛ لأنه استئجارٌ على المعصية، والمعصية لا تستحق بالعقد.
مذهب المالكية، يُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (٧/ ٥٤٠) قال: "قوله: "أكره الإجارة على تعليم الشعر والنوح"، كذا هو، ومعناه نَوْح المتصوفة وأناشيدهم على طريق النوح والبكاء المسمَّى بالتعفير، والمعازف عيدان الغناء لا يجوز ضَرْبها ولا استئجارها، وهي من أنواع البرابط والعيدان".
مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٣/ ٤٩٩) قال: "ولا استئجار لتعليم التوراة … ولا للزمر والنياحة … وجعل في التنبيه من المحرمات الغناء".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٥٥٩)، قال: " (فلا تصح الإجارة على الزنا، والزمر، والغناء، والنياحة)؛ لأنها غير مباحة (ولا إجارة كاتب يكتب ذلك) أي: الغناء والنوح، وكذا كتابة شِعْرٍ محرم أو بدعة أو كلام محرم؛ لأنه انتفاع محرم".

<<  <  ج: ص:  >  >>