للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي قَضيةٌ -أيضًا- عَمليةٌ حصلَتْ لعمارٍ عندما تَمعَّك في التراب (١)، ثم وصف فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كيفية ضربه بيديه، وفي بعضها أنه قال: "إنَّما يكفيك أن تفعلَ ذَلكَ" (٢)، فَهُوَ حافظٌ للأمر؛ لأنه عن طريق القول والتطبيق العمليِّ.

فمَذْهب الحنابلة هو الأظهر من حيث الدليل، لكن قول الجمهور أحوط، ولذلك فإنَّ الحنابلَة يرَون أن المسحَ على الذراعين جائزٌ.

* قوله: (وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إِلَى الآبَاطِ (٣)، فَإِنَّمَا ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ، لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ عَمَّارٍ أَنَّهُ قَالَ: "تَيَمَّمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَمَسَحْنَا بِوُجُوهِنَا وَأَيْدِينَا إِلَى المَنَاكِبِ" (٤)، وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنْ يُحْمَلَ تِلْكَ الأَحَادِيثُ عَلَى النَّدْبِ، وَحَدِيثُ عَمَّارٍ عَلَى الوُجُوبِ، فَهُوَ مَذْهَبٌ حَسَنٌ إِذْ كَانَ الجَمْعُ أَوْلَى مِنَ التَّرْجِيحِ عِنْدَ أَهْلِ الكَلَامِ الفِقْهِيِّ، إِلَّا أَنَّ هَذَا إِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَارَ إِلَيْهِ إِنْ صَحَّتْ تِلْكَ الأَحَادِيثُ) (٥).

فَهَذا مَيْلٌ من المؤلف إلَّا أن الوارد في حديث عمار هو القدر الواجب، وما تجاوز ذلك، فهو قدر مستحب، وأن هذا هو الأحوط.

قوله: (إِلَّا أَنَّ هَذَا إِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَارَ إِلَيْهِ إِنْ صَحَّتْ تِلْكَ الأَحَادِيثُ).

وسبق أن رواية أبي الجهيم صحيحة، ولتقوَّى مذهب الجمهور بما وَرَد من فعل عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-.


(١) "التمعُّك": هو التمرُّغ والتقلُّب في التراب. انظر: "الصحاح" للجوهري (٤/ ١٦٠٩)، و "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٣٨٥).
(٢) أخرجه البخاري (٣٤٧)، ومسلم (٧٤٦).
(٣) تقدم أنه قول الزهري.
(٤) أخرجه أبو داود (٣١٨)، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود" (٢/ ١٢٦).
(٥) لم أقف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>