للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي عَدَدِ الضَّرَبَاتِ عَلَى

الصَّعِيدِ لِلتَيمُّمِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: وَاحِدَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: اثْنَتَيْنِ، وَالَّذِينَ

قَالُوا اثْنَتَيْنِ، مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: ضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ، وَهُمُ الجُمْهُورُ، وَإِذَا قُلْتُ: الجُمْهُورَ، فَالفُقَهَاءُ الثَّلَاثَةُ مَعْدُودُونَ (أَعْنِي: مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ وَأَبَا حَنِيفَةَ)، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: ضَرْبَتَان لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَعْنِي: لِلْيَدِ ضَرْبَتَافي، وَللْوَجْهِ ضَرْبَتَانِ. وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ أَنَّ الآيَةَ مُجْمَلَة فِي ذَلِكَ، وَالأَحَادِيثَ مُتَعَارِضَةٌ، وَقِيَاسُ التَّيَمُّمِ عَلَى الوُضُوءِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ، وَالَّذِي فِي حَدِيثِ عَمَّارٍ الثَّابِتِ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْوَجْهِ وَالكَفَّيْنِ مَعًا، لَكِنَّ هَاهُنَا أَحَادِيثَ فِيهَا ضَرْبَتَان، فَرَجَّحَ الجُمْهُورُ هَذِهِ الأَحَادِيثَ لِمَكَانِ قِيَاسِ التَّيَمَّمِ عَلَى الوُضُوءِ).

مَذَاهبُ العُلَمَاء فِي عَدَد الضَّربات على الصَّعيد للتيمُّم:

ذَهَب الحَنَابلَة (١) إلَى الاكتفاء بضربةٍ واحدةٍ، واستدلُّوا على ذَلكَ بما يَلي:

أوَّلًا: قَوْل اللهِ تَعالَى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [النساء: ٤٣]، وليسَ في الآية ما يدلُّ على أكثر من ضربة واحدة.

ثانيًا: حديث عمار -رضي الله عنه- الذي تقدَّم، وَفيه: "فَضَرب بيديه على الأرض، فَمَسَح بهما وجهه وكَفَّيه" (٢).

ثالثًا: احتجُّوا بالقياس، فَقَالوا: أليسَ المتوضِّئ يَكْفيه أن يغسلَ فمَه وأنفه بغرفةٍ واحدةٍ إذا أمكنَه؟ وَكَذلك لَه أن يمسح رأسه وأُذُنيه بِمَاءٍ وَاحِدٍ،


(١) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ١٠١)، قال: "ويضرب التراب بيديه مفرجتي الأصابع … (ضربة واحدة)، فإن كان التراب ناعمًا، فوضع يديه بلا ضَرْبٍ، فعلق بهما، كفى".
(٢) أخرجه البخاري (٣٣٨)، ومسلم (٧٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>