للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عُثْمَانَ بْنِ أَبِي العَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "اتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا" (١)، وَالَّذِينَ أَبَاحُوهُ قَاسُوهُ عَلَى الأَفْعَالِ غَيْرِ الوَاجِبَةِ، وَهَذَا هُوَ سَبَبُ الِاخْتِلَافِ (أَعْنِي: هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَمْ لَيْسَ بِوَاجِبٍ؟).

اتَّفق أهل العلم على جواز أن يأخذ المُؤذِّن -وكذلك الإمام- رِزْقَه من بيت المال إذا كان محتاجًا إليه (٢)، لكن اختلفوا في جواز أخذه الأجرة على الأذان والإمامة.

فَذَهب مالكٌ (٣) والشافعي (٤) وأحمد في روايةٍ (٥) إلى جواز ذلك.


(١) أخرجه أبو داود (٥٣١) وغيره، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١٤٩٢).
(٢) ينظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٣٠١) قال: "ولا نعلم خلافًا في جواز أخذ الرزق عليه. وهذا قول الأوزاعي والشافعي؛ لأن بالمسلمين حاجة إليه، وقد لا يوجد متطوع به، وإذا لم يدفع الرزق فيه يعطل، ويرزقه الإمام من الفيء؛ لأنه المعد للمصالح، فهو كأرزاق القضاة والغزاة، وإن وجد متطوع به لم يرزق غيره؛ لعدم الحاجة إليه". وانظر: "مواهب الجليل" للحطاب (١/ ٤٥٦، ٤٥٧).
(٣) "الشرح الكبير" للشيخ الدردير (١/ ١٩٨)، قال: وجاز للمؤذن (أجرة) أي: أخذها (عليه) وحده. وانظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (١/ ٢٣٦).
(٤) ينظر: "روضة الطالبين" للنووي (١/ ٢٠٥) قال: وأما الاستئجار على الأذان، ففيه أوجه:
أصحها: يجوز للإمام من بيت المال ومن مال نفسه، ولآحاد الناس من أهل المحلة وغيرهم من مال نفسه.
والثاني: لا يصح الاستئجار مطلقًا.
والثالث: يَجُوز للإمام، ومَنْ أذن له، ولا يجوز لآحاد الناس، وإذا جوزنا للإمام الاستئجار من بيت المال، فإنما يجوز حيث يجوز الرزق خلافًا ووفاقًا.
قال في "التهذيب": وإذا استأجر من بيت المال لم يفتقر إلى بيان المدة، بل يكفي أن يقول: استاجرتك لتؤذن في هذا المسجد في أوقات الصلاة كل شهرٍ بكذا، ولو استأجر من مال نفسه، أو استأجر واحد من الرعية، ففي اشتراط بيان المدة وجهان:
قلت: أصحهما: الاشتراط، والله أعلم. والإقامة تدخل في الاستئجار للأذان، ولا يَجُوزُ الاستئجار للإقامة، إذْ لا كُلْفةَ فيها بخلاف الأذان، وليست هذه الصور بصَافيةٍ عن الإشكال. وانظر أيضًا: "الروضة" (٥/ ١٨٧).
(٥) غير المشهور عنه، ينظر: "الإنصاف" للمرداوي (٦/ ٤٥) قال: قوله: (ولا يصح الإجارة على عمل يختص فاعله أن يكون من أهل القربة). يعني: بكونه مسلمًا،=

<<  <  ج: ص:  >  >>