للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذهب أبو حنيفة (١) وأحمد في المشهور عنه (٢) إلى عدم جواز ذلك، وبه قَالَ جَماعةٌ من السلف، مع اتفاقهم على أنَّ ترك الأجرة أفضل.

أدلة القائلين بالجواز:

أولًا: قصة زواج طلحه -رضي الله عنه- من أم سليم -رضي الله عنها-، وأن مهرها كان إسلام أبي طلحة (٣).

ثانيًا: حديث المرأة التي وهبت نفسها للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وفيه قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "زوجتكها بما معك من القرآن" (٤)، وإذ جاز أن يكون تعليم القرآن مهرًا، جازت فيه الإجارة أيضًا.


= ولا يقع إلا قربةً لفاعله؛ كالحج، أي: النيابة فيه، والعمرة، والأذان، ونحوهما كالإقامة … وعنه: يصح كأخذه بلا شرطٍ .. نص عليه. وانظر: "المغني" لابن قدامة (٣/ ٢٢٤).
(١) "الدر المختار" وحاشية ابن عابدين "رد المحتار" (٦/ ٥٥) قال: (لا تصح الإجارة … ولا لأجل الطاعات)، الأصل أن كل طاعة يختص بها المسلم لا يجوز الاستئجار عليها عندنا؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: " "اقرؤوا القرآن ولا تأكلوا به"، وفي آخر ما عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى عمرو بن العاص: "وإن اتخذتَ مؤذنًا فلا تأخذ على الأذان أجرًا"، ولأن القربة متى حصلت وقعت على العامل، ولهذا تتعين أهليَّته، فلا يجوز له أخذ الأجرة من غيره كما في الصوم والصلاة هداية.
(٢) يُنظر: " "مطالب أولي النهى" للرحيباني (٣/ ٦٣٧) قال: (و) وشرط (كون عمل لا يختص فاعله بمسلم)؛ كخياطةٍ ونساجةٍ ونحوهما، أما إن كان فاعله يختص بالمسلم (كأذان وإقامة وإمامة وتعليم قرآن وفقه وحديث ونيابة في حج وقضاء) بين الناس؛ فتحرم الإجارة عليه، ولا تصح، (ولا يقع إلا قربةً لفاعله)، هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. وانظر: "الإنصاف" للمرداوي (٦/ ٤٥).
(٣) أخرجه النسائي (٣٣٤١) وغيره، ولفظه عن أنس، قال: "خطب أبو طلحة أم سليم، فقالت: والله، ما مثلك يا أبا طلحة يرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم فذاك مهري، وما أسألك غيره، فأسلم فكان ذلك مهرها"، قال ثابت: "فما سمعت بامرأة قط كانت أكرم مهرًا من أم سليم الإسلام، فدخل بها فولدت له"، وصحَّحه الأَلْبَانيُّ في "صحيح النسائي" (٧/ ٤١٣).
(٤) أخرجه البخاري (٥٠٢٩)، (٥٠٣٠)، (٥٠٨٧)، ومسلم (١٤٢٥)، عن سهل بْن سَعْدٍ، قال: أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- امرأة، فقالت: إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-،=

<<  <  ج: ص:  >  >>