للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبهذا يتبين لنا دَورُ قاعدة "العادة محكَّمة" (١)؛ فإذا اصطلح الناس على أمر من الأمور؛ كما لو كان لهم عرفٌ يسيرون عليه في البيوت والعمائر: أنَّ البيَّارات إذا امتلأت فإنَّ الذي يتحمل مسؤوليتها هو المكري (المؤجِّر)، فإن الحنفيَّة يُعملون هذه القاعدة.

[فائدة]

لم تكن المراحيض كما هي الآن، المراحيض الآن لا تحتاج إلى كنس، فقد كان فيما مضى البيت يُبنى ويوضع في مكان الخلاء لَبنَات على شكل لَبنَتين، ثُمَّ يحصُل التغوُّط أو التبول، فإذا امتلئ فإنَّ المسَؤول عن تفريغه الَمؤجر أو المستأجر، على اعتبار الخلاف.

وقد كان هناك أناسٌ يختصون بكنس البالوعات، ويأخذون الأجرة، فإنَّ الذي يُسلِّم الأُجرة المؤجِّر أو المستأجر -على اعتبار الخلاف، كما ذكرنا-.

والصحيح في هذه المسألة: أنَّ المستأجر هو المكلَّف بكنسها؛ لأنه هو الذي فعل ذلك وتسبَّب فيه.

[فائدة]

كذلك الأصل أن الذي يُسلِّم رسوم الماء أو الكهرباء هو المستأجر، سواء كان في شقة أو عمارة، إلا إذا تحمَّل ذلك صاحب البيت.

(وَاسْتَثْنَى ابْنُ القَاسِمِ مِنْ هَذِهِ الفَنَادِقَ الَّتِي تَدْخُلُهَا قَوْمٌ وَتَخْرُجُ قَوْمٌ، فَقَالَ: الكَنْسُ فِي هَذِهِ عَلَى رَبِّ الدَّارِ) (٢).

هذا هو رأيه -رحمه الله - والحقيقة أنَّها كذلك على المستأجر؛ لأنه هو


(١) أي: هي المرجع عند النزاع؛ لأنه دليل يبتنى عليه الحكم، ينظر: "تهذيب الفروق والقواعد السنية" (٣/ ١٤) لمحمد بن علي بن حسين.
(٢) يُنظر: "شفاء الغليل" للمكناسي (٢/ ٩٤٤)، حيث قال: "ومن اكترى دارًا فعلى ربها مرمتها وكنس المراحيض، فقيل: خلاف، وقيل: ما هنا فيما حدث، وما هناك فيما سبق، قيل: ما هنا في غير الفنادق".

<<  <  ج: ص:  >  >>