للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تزرعها حِنطةً - مثلًا - فزرع فيها ما هو أكثر ضررًا؛ فلا يجوز.

قوله: (وَمِنْهَا: اخْتِلَافُهُمْ فِي كَنْسِ مَرَاحِيضِ الدُّورِ المُكْتَرَاةِ، فَالمَشْهُورُ عَنِ ابْنِ القَاسِمِ أَنَّهُ عَلَى أَرْبَابِ الدُّورِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَى المُكْتَرِي (١)، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ (٢)).

انظر دقَّة الفقهاء - رحمهم الله تعالى - فهذه مسائل تحصل في زماننا.

الإنسانُ إذا أجَّر دارًا، فهذه الدار فيها حمَّامات - وفيما مضى كانوا يُسمُّونها مراحيض، أو محل الغائط، أو الكنيف، أو البالوعات - فلو حصل سددٌ في البالوعة - أو البيَّارة كما نُسمِّيها الآن - فمن المسؤول عنها؟ كهل المؤجِّر أو المستأجر؟

اختلف الفقهاء:

الإمامان الشافعي وأحمد (٣) قالا: المسؤول عنها المؤجِّر؛ لأنها حصلت بسببه.

وأبو حنيفة (٤) يقول: القياس يقضي بأن المستأجر هو المطالب بنقل ما يمتلأ به البالوعة؛ لأنه حدث بفعله، فيلزمه نقله كالكناسة والرماد، إلا أن الحنفية استحسنوا وجعلوا نقله على صاحب الدار أخذًا بمقتضى العرف والعادة، إذ العادة بين الناس أن ما كان مغيبًا في الأرض فنقله على صاحب الدار.


(١) يُنظر: "حاشية الدسوقي" لابن عرفة (٣/ ٣٦٦)، حيث قال: "واختلف في كنس كنيف الدار المكتراة؛ فقيل: على ربها، وقيل: على المكتري، والقولان عن ابن القاسم".
(٢) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٦/ ١٦٥)، حيث قال: "ومثلها رماد الحمام وغيره (على المكتري) ".
(٣) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٢٦٣)، حيث قال: " (و) على مكتر دار أو حمام ونحوه (تفريغ بالوعة وكنيف) ".
(٤) يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (٦/ ٨٠)، حيث قال: "وأما البالوعة وأشباهها فليس على المستأجر تفريغها استحسانًا. والقياس: أن يجب؛ لأن الشغل حصل من جهته".

<<  <  ج: ص:  >  >>