للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للمستأجر: أُؤجِّرك هذه الأرض على أن تزرعها حِنطةً؛ فله أن يزرعها حنطة أو ما هو أقل ضررًا منها، أو ما هو مساوٍ لها.

فمذهب مالك - والأئمة الأربعة كُلُّهم (١) - يُجيزون ذلك؛ لأنَّهم يقولون: إنَّ المعتبر في ذلك هو الضرر؛ ولأن العقد إنما كان على منفعة الأرض-فإنما الأُجرة على الاستفادة من الأرض- فما دام الضرر منتفيًا، فالعتمد جائز.

وأهل الظاهر منعوا ذلك حتى قالوا: لو استأجر أرضًا على أن يزرعها حنطة بيضاء فليس له أن يزرعها حنطة سمراء (٢)، أو استأجرها ليزرعها حنطة سمراء فليس له أن يزرعها بيضاء؛ قالوا: لأن هذا على خلاف ما ورد.

وحجَّة أهل الظاهر ضعيفة؛ لأن وجهتهم أنه غيَّر في العقد، حيثُ استأجرها ليزرعها حنطة فزرع غيرها.

ولكنَّه كما قال الجمهور: إن المقصود من الإجارة هو الاستفادة من الأرض بأيِّ نوع كان شريطة ألا يحصل ضرر، وما دام الضررُ لم يتجاوز موضِع العتمد فهو جائز.

الصورة الثالثة: قال المؤجِّرُ للمستأجر: أُؤجِّرك هذه الأرض على أن


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (٦/ ٣٦)، حيث قال: "إذا عين نوعًا للزراعة له أن يزرع مثله أخف لا أضر".
مذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٦/ ١٨٢)، حيث قال: "استأجر لبر فزرع ذرة فلا يضمن الأرض؛ لأنه لم يتعد إلا في منفعتها، بل تلزمه أجرة مثل الذرة".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٤/ ١٥)، حيث قال: " (شرط زرع بر فقط) فلا يلزم الوفاء به وله زرع ما هو مثله ضررًا أو أقل".
(٢) يُنظر: "المنتقى" للباجي (٤/ ٢٤٢)، حيث قال: "البيضاء هي المحمولة؛ وهىِ نوع من الحنطة يكون بمصر، والسمراء نوع آخر يكون بالشام، وهي أفضل جودة من المحمولة".

<<  <  ج: ص:  >  >>