للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنَّ أبا حنيفة -رحمه الله - يرى أن هذه الموانع وأمثالها مؤثِّرةٌ، وأنها تستدعي الفسخ.

مثال ذلك: أن يستأجر إنسانٌ دابةً فهلكت أو عبدًا فهلك، أو استأجر سيارة فصُدمَت وتعطَّلت، فلم يستطع أن يستفيد منها قبل أن يتسلمها، فهذه العين المؤجَّرة لا تخلو:

إما أن تكون العين المستأجرة هذه قد تعذر الانتفاع بها قبل قبضها: فالعقد هنا ينفسخ بإجماع العلماء.

وإما أن تكون العين المستأجرة هذه قد تعذر الانتفاع بها بعد قبضها: فجمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة (١) - رحمهم الله - على أن العقد يَنفسخ، وأبو ثور -رحمه الله - يرى أنَّه لا ينفسخ قياسًا على البيع؛ لأنه قبض هذه العين فهو مسؤول عنها (٢).

والجمهور يُجيبون على أبي ثور -رحمه الله - فيقولون: إنَّ الإجارة تختلف؛ لأن المقصود هو الاستفادة؛ لأن قبضها إنما يتم باستيفائها، والاستيفاء لم يتم بعد؛ لذا لا يصح القياس على البيع.

الصورة الثالثة: أن تكون العين المستأجرة هذه قد هلكت قبل تمام الاستيفاء؛

كأن يستأجر دابةً لمدة شهر، وقبل أن ينتهي من الاستفادة منها بعد خمسة عشر يومًا ماتت هذه الدابة.

نقول إنَّ العقد ينفسخ، لكنه في هذه الحالة مُطالب بدفع أجرةِ ما مضى، ويسقط عنه ما تبقى من المدة التي لم يستفذ منها.


(١) يُنظر: "المعاني البديعة" للريمي (٢/ ٨٥)، حيث قال: "عند الشافعي ومالك وأحمد: إذا لم ينتفع المستأجر بالعين المؤجرة إجارة فاسدة بعد قبضها وجب عليه أجرة المثل، وعند أبي حنيفة لا يجب عليه شيء".
(٢) يُنظر: "عيون المسائل" للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٨٥)، حيث قال: "إِلَّا أبا ثور، فإنّه قال: المنافع في هذا الموضع من ضمان المستأجر".

<<  <  ج: ص:  >  >>