للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا لم يتعدَّ فلا؛ لأنه أصلًا عمل لمصلحة المستأجر أيضًا، يلحقون بذلك، إلا لو أن إنسانًا ذهب إلى آخر، وقال: اعمل لي هذه الأشياء، ولم يتفق معه على أجرة بل سكت عن ذلك، فهل في ذلك أجرة المثل؟ هل لو حصل تقصير أو تفريط من الصانع يأخذ؟ الجواب: نعم.

قوله: (وَالأَجِيرُ عِنْدَ مَالِكٍ كَمَا قُلْنَا لَا يَضْمَنُ، إِلَّا أَنَّهُ اسْتَحْسَنَ تَضْمِينَ حَامِلِ القُوتِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ، وَكَذَلِكَ الطَّحَّانُ) (١).

يقصد به الأجير الخاص، يعني: الذي يعمل في بيت الإنسان أو في دكانه أو في مصنعه أو في بقالته أو في صيدليته أو في ورشته، هذا يُسمَّى أجيرٌ خاص؛ لأنه وقف نفسه على عمل هذا الإنسان، فهو استأجره مدة معينة يعمل له دون غيره، ألا وهو المراد.

قوله: (وَمَا عَدَا غَيْرَهُمْ فَلَا يَضْمَنُ إِلَّا بِالتَّعَدِّي، وَصَاحِبُ الحَمَّامِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُ، هَذَا هُوَ المَشْهُورُ عَنْهُ (٢)، وَقَدْ قِيلَ: يَضْمَنُ (٣). وَشَذَّ أَشْهَبُ (٤) فَضَمَّنَ الصُّنَّاعَ مَا قَامَتِ البَيِّنَةُ عَلَى هَلَاكِهِ عِنْدَهُمْ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُمْ وَلَا تَفْرِيطٍ، وَهُوَ شُذُوذٌ).

وشذَّ أشهب من المالكية فقال بتضمين الصناع.


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ٢٧)، حيث قال: "فمن دفع لطحان قمحًا في قفة ليطحنه له … فادعى ضياع الكل ضمن القمح".
(٢) يُنظر: "حاشية الدسوقي" لابن عرفة (٤/ ٢٦)، حيث قال: "وأما صاحب الحمام فلا ضمان عليه اتفاقًا".
(٣) يُنظر: "حاشية الدسوقي" لابن عرفة (٤/ ٢٦)، حيث قال: "واستحسن بعض المتأخرين تضمينهم نظرًا لكونه من المصالح العامة".
(٤) يُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (٧/ ٥٥٨)، حيث قال: "إلا أشهب؛ فإنه ضمنهم وإن قامت البينة على التلف".

<<  <  ج: ص:  >  >>