للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ، وَإِنْ تَطَاوَلَ: فَالقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ المَصْنُوعِ) (١).

إذا اختلفا في الأجرة: فأكثر العلماء - كالشافعية (٢) والحنابلة (٣) - قالوا يتحالفان؛ فيحلف كل منهما على ما ادعاه، ثم يُنظر في الأمر، فلا يخلو: إما أن يكون الاختلاف قبل القبض أو بعده.

فإن كان قبل القبض: تفاسخ وانتهى.

وإن كان بعد القبض وقبل الاشتغال به - أي: قبل الاشتغال بذلك العمل - فإنهما أيضًا يتفاسخان، إلا إذا رضي أحدهما بما قاله الآخر؛ فتحالفا ثم اقتنع أحدهما بقول الآخر، قال: ما دمت حلفتَ فقد رضيتُ بذلك؛ كما في الحديث: "من حُلِف له بالله فليرضَ" (٤)، وأنت قد حلفتَ وأنا قد رضيتُ، ثم يقران على ذلك، فيصبح قد أقر بذلك.

هذا واضح في مذهب الإمامين الشافعي وأحمد، وهما ملتقيان في هذه المسألة.

قوله: (وَإِذَا اخْتَلَفَ المُكْرِي وَالمُكْتَرِي، أَوِ الأَجِيرُ وَالمُسْتَأْجِرُ، فِي مُدَّةِ الزَّمَان الَّذِي وَقَعَ فِيهِ اسْتِيفَاءُ المَنْفَعَةِ، إِذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ المَنْفَعَةَ


(١) يُنظر: "حاشية الدسوقي" لابن عرفة (٤/ ٥٧)، حيث قال: "امتنع ربه من دفع قيمة الصبغ (قوله: وبدأ الصانع) أي؛ لأنه بائع للمنافع فيحلف أنه استصنعه، ويحلف ربه أنه ما استصنعه".
(٢) ينظر: "المهذب في فقه الإمام الشافعي" للشيرازي (٢/ ٢٦٩) حيث قال: "إذا اختلف المتكاريان في مقدار المنفعة أو قدر الأجرة ولم تكن بينة فتحالفا".
(٣) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٢٣٦) حيث قال: "لو اختلف المؤجر والمستأجر في الأجرة .. (ولا بينة) لأحدهما، تحالفا (أو لهما) بينة (تحالفا) وسقطت بينتاهما لتعارضهما".
(٤) أخرجه ابن ماجه (٢١٠١) وغيره، بلفظ: عن نافع ابن عمر قال: سمع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يحلف بأبيه فقال: "لا تحلفوا بآبائكم؛ مَن حلف بالله فليصدق، ومن حلف له بالله فليرض، ومن لم يرض بالله فليس من الله". وقال الألباني في "إرواء الغليل" (٢٦٩٨): وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات كما قال البوصيري في "الزوائد".

<<  <  ج: ص:  >  >>