للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن الإجارة عقد لازم، ومن شرط العقد اللازم أن يكون العوض معلومًا، وأن تكون المدة معلومة، ولا يتحقق ذلك كله في الجعالة؛ فالجعالة يشترط فيها أن يكون العوض معلومًا؛ كأن يقول إنسانٌ: من ردَّ لي ضالتي فله مائة ريال، فقوله هنا: "من ردَّ ضالتي" الزمن فيه غير معلوم، فربما تطول به الأيام، وربما يجد الضالة خلال ساعة، وربما لا يجدها، فالمدة إذًا مجهولة في الجعالة في الغالب، وربما تكون المدة معلومة؛ كأن يقول: من ردَّ لي ضالتي من بلد كذا، أو ربما جعل ذلك عملًا، فقال: من خاط لي قميصًا فله كذا، أو من بنى لي هذا الجدار فله كذا.

إذًا: الإجارة والجعالة يلتقيان في أنَّ كل ما جاز أن يكون عوضًا في الإجارة جاز كذلك أن يكون عوضًا في الجعالة، وكما أن الإجارة يُشترط فيها أن يكون العوض معلومًا كذلك يُشترط - أيضًا - في الجعالة، وكما أنه يشترط في الجعالة أن يكون العوض مباحًا فلا يجوز أخذ العوض عن المحرمات، ولا على بعض القربات؛ كصلاة، كذلك - أيضًا - لا يجوز أخذ الجعل على أمر محرم، ولا على عبادة من العبادات التي يلزم الإنسان الإتيان بها، وقد عرفت فيما مضى في مواضع عدة اختلافَ العلماء في أخذ الأجرة على القربات؛ فبعضهم أجاز ذلك، وبعضهم منع، لكنهم متفقون على أن بعضها لا يجوز أخذ الجعل عليه كالصلاة، وكذلك الحال بالنسبة لما هو محرم.

وربما يضع الإنسان مبلغًا معينًا لشخص، وربما يضعه لأكثر، وهذا من الفوارق بين الجعالة والإجارة، فيقول مثلًا: من رد لي ضالتي فله كذا وكذا، وربما يقول: إن ردَّ فلان ضالتي فله كذا، وربما يقول: من رد ضالتي من مكان كذا، فلو ردها من غير ذلك المكان فلا جعل له، ولو أنه ردها من نصف المسافة يأخذ نصف الأجرة.

وهذه الجعالة التي اقتصر فيها المؤلف على صفحة تقريبًا فيها كلام كثير للعلماء، أوجزه أو لَخَّصه المؤلف -رحمه الله -.

<<  <  ج: ص:  >  >>