للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَالجُعْلُ: هُوَ الإِجَارَةُ عَلَى مَنْفَعَةٍ مَظْنُونٍ حُصُولُهَا).

لأن قوله: من رد ضالتي، أو من رد عبدي الآبق، أو من بنى لي حائطًا، هذه منفعة بلا شك، إذًا هو التزام بتقديم عوض محدد معين على عمل مضمون أو مجهول أو معلوم.

قوله: (مِثْلَ مُشَارَطَةِ الطَّبِيبِ عَلَى البُرْءِ، وَالمُعَلِّمِ عَلَى الحِذَاقِ، وَالنَّاشِدِ عَلَى وُجُودِ العَبْدِ الآبِقِ).

هل هذه من المسائل التي تعد جعلًا؟ أو هي مسائل الإجارة؟

لا شك أن هناك مسائل أجمع العلماء على أنها إجارة؛ كأن يقول: من رد ضالتي، أو عبدي الآبق، أو من بنى لي حائطًا، أو خاط لي قميصًا، هذه لا شك من الجعالة باتفاق بين العلماء، لكن الجعالة - كما قلنا - تختلف عن الإجارة، فهي عقد جائز؛ يعني يجوز لكُلِّ واحد من المتعاقدين فسخ العقد ما لم يتم العمل، يجوز لهما، لكن الإجارة عند الشروع لا يجوز، إلا إذا وجد سبب من الأسباب التي تُبطل العقد أو تفسخه.

قوله: (وَقَدِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي مَنْعِهِ وَجَوَازِهِ، فَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ ذَلِكَ فِي اليَسِيرِ بِشَرْطَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَضْرِبَ لِذَلِكَ أَجَلًا، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا).

الإجارة من حيث الجملة متفق عليها بين الأئمة الأربعة ليس كما ذكر المؤلف؛ فأبو حنيفة (١) ومالك (٢) والشافعي (٣)


(١) يُنظر: "فتح القدير" للكمال ابن الهمام (٦/ ١٣٥) حيث قال: "قال المصنف في وجه الاستحسان، ولنا إجماع الصحابة على أصل الجعل".
(٢) يُنظر: "حاشية الصاوي" للخلوتي (٤/ ٧٩) حيث يقول: "والجعالة - بفتح الجيم وكسرها وضمها - ما يجعل على العمل وهو رخصة، فهو أصل منفرد لا يقاس عليه، وقد أنكره جماعة من العلماء، ورأوا أنه من الغرر والخطر".
(٣) يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٢/ ٤٣٩) حيث قال: "والأصل فيها قبل=

<<  <  ج: ص:  >  >>